Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 163-163)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : قيل معنى قوله : { هم درجات عند الله } أن تقديره المؤمنون ذووا درجة رفيعة عند الله . والكفار ذووا درجة خسيسة . وقيل في معناه قولان : أحدهما - اختلاف مراتب كل فريق من أهل الثواب ، والعقاب ، لأن النار أدراك لقوله : { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار } والجنة طبقات بعضها أعلى من بعض ، كما روي أن أهل الجنة ليرون أهل عليين ، كما يرى النجم في أفق السماء . والثاني - اختلاف مرتبتي أهل الثواب ، والعقاب بما لهؤلاء من النعيم ، والكرامة ولأولئك من العذاب والمهانة . وعبر عن ذلك بدرجات مجازاً . فان قيل كيف قال : { هم درجات } وانما لهم درجات قيل ، لأن اختلاف أعمالهم قد ميزهم بمنزلة المختلفي الذوات كاختلاف مراتب الدرجات لتبعيدهم من استواء الاحوال ، فجاء هذا على وجه التجوز ، كما قال ابن هرمة - انشده سيبويه - : @ أنصب للمنية تعتريهم رجالي أم هم درج السيول @@ وقوله : { والله بصير بما يعملون } معناه عليم . وفيه تحذير من أن يتكل على الاسرار في الأعمال ظناً بأن ذلك يخفى على الله ، لأن أسرار العباد عند الله علانية . وفيه توثيق بأنه لا يضيع للعامل لربه شيء لأنه لا يخفى عليه جميعه . اللغة ، والحجة : وأصل الدرجة الرتبة ، فمنه الدرج ، لأنه يطوى رتبة بعد رتبة يقال : أدرجه إدراجاً . والدرجان مشي الصبي لتقارب الرتب ، درج يدرج درجاً ودرجاناً . والدرج معروف . والترقي في العلم درجة بعد درجة أي منزلة بعد منزلة كالدرجة المعروفة . فان قيل هلا كان القرآن كله حقيقة ، ولم يكن فيه شيء من المجاز ، فان الحقيقة أحسن من المجاز ؟ قلنا : ليس الأمر على ذلك فان المجاز في موضعه أولى ، وأحسن من الحقيقة لما فيه من الايجاز من غير اخلال بمعنى ، وهي المبالغة بالاستعارة التي لا تنوب منابها الحقيقة ، لأن قولهم إذ هو الشمس ضياء أبلغ في النفوس من قولهم هو كالشمس ضياء ، كذلك الجزاء بالجزاء أحسن من الجزاء بالابتداء ، لأنه أدل على تقابل المعنى بتقابل اللفظ ، فكذلك { هم درجات } أولى وأبلغ من هم أهل درجات ، للايجاز من غير اخلال .