Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 184-184)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القراءة ، والحجة : قرأ ابن عامر وحده وبالزبر وكذلك هو في مصاحف أهل الشام . الباقون بحذف الباء ، فمن حذف فلأن واو العطف أغنت عن تكرار العامل ومن أثبتها فانما كرر العامل تأكيداً ، وكلاهما جيدان . اللغة ، والمعنى : وهذه الآية فيها تسلية للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) عما كان يصيبه من الأذى من اليهود وأهل الشرك بتكذيبهم إياه بأن قال فقد كذب أسلافهم من رسل الله من جاءهم بالبينات والحجج القاطعة ، والأدلة الواضحة . والزبر جمع زبور وهو البينات وكل كتاب فيه حكمة زبور . ومنه قول امرئ القيس : @ لمن طلل ابصرته فشجاني كخط زبور في عسيب يمان @@ ويقال زبرت الكتاب إذا كتبته ، فهو مزبور وزبرت الرجل أزبره : إذا زجرته والزبرة : القطعة العظيمة من الحديد ، ومنه قوله : { آتوني زبر الحديد } والزبير : الحماة . والزبرة مجتمع الشعر على كتف الأسد . وزبرت البئر إذا أحكمت طيها بالحجارة ، فهو مزبور وما لفلان زبر أي عقل ، والكتاب المراد به التوراة والانجيل ، لأن اليهود كذبت عيسى ، وما جاء به من الانجيل وحرفت ما جاء به موسى من صفة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وبدلت عهده إليهم فيه . والنصارى أيضاً جحدت ما في الانجيل من نعته وغيرت ما أمرهم فيه به . وقوله : { المنير } معناه الذي ينير ، فينير الحق لمن اشتبه عليه ، وهو حجة له . وإنما هو من النور ، والاضاءة يقال : قد أنار لك هذا الأمر بمعنى أضاء لك وينير انارة فهو منير ، وهذا قول الحسن وابن جريج والضحاك ، وأكثر المفسرين . فان قيل : لم جمع بين الزبر والكتاب ومعناهما واحد ؟ قلنا : لأن أصلهما مختلف ، فهو زبور لما فيه من الزجر عن خلاف الحق ، وهو كتاب ، لأنه ضم الحروف بعضها إلى بعض ، وسمي زبور داود لكثرة ما فيه من المواعظ والزواجر . فان قيل : كيف قال { فإن كذبوك ، فقد كذب رسل من قبلك } وهم وان لم يكذبوه أيضاً ، فقد كذب رسل من قبله ؟ قلنا : لأن المعنى فقد جروا على عادة من قبلهم في تكذيب أنبيائهم إلا أنه ورد على وجه الايجاز كما تقول : إن أحسنت إليّ فقد طالما أحسنت .