Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 199-199)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
النزول : اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية ، فقال جابر بن عبد الله ، وسعيد بن المسيب ، وقتادة ، وابن جريج إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لما بلغه موت النجاشي ، دعا له واستغفر له ، وصلى عليه ، وقال للمؤمنين : صلوا عليه ، فقالوا نصلي على رجل ليس بمسلم ؟ وقال قوم منافقون : نصلي على علج بنجران ؟ فنزلت هذه الآية ، فالصفات التي فيها صفات النجاشي . وقال ابن زيد وفي رواية عن ابن جريج وابن اسحاق إنها نزلت في جماعة من اليهود وكانوا أسلموا ، منهم : عبد الله بن سلام ، ومن معه . وقال مجاهد : إنها نزلت في كل من أسلم من أهل الكتاب من اليهود والنصارى وهو أولى ، لأنه عموم الآية ، ولا دليل يقطع به على ما قالوه على انها لو نزلت في النجاشي أو من ذكر ، لم يمنع ذلك من حملها على عمومها ، في كل من أسلم من أهل الكتاب ، لأن الآية قد تنزل على سبب وتكون عامة في كل من تتناوله . المعنى : وإنما خصوا بالوعيد ، ليبين ان جزاء أعمالهم موفر عليهم ، لا يضرهم كفر من كفر منهم فتأويل الآية { وإن من أهل الكتاب } : التوراة والانجيل { لمن يؤمن بالله } أي يصدق بالله ويقر بوحدانيته ، { وما أنزل إليكم } أيها المؤمنون من كتابه ووحيه على لسان نبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، { وما أنزل إليهم } يعني إلى أهل الكتاب من الكتب { خاشعين } يعني خاضعين بالطاعة مستكينين له بها متذللين قال ابن زيد : الخاشع : المتذلل الخائف . { لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً } معناه لا يحرفون ما أنزل الله في كتبه من أوصاف محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فيبدلونه ، ولا غير ذلك من أحكامه ، وحججه لغرض من الدنيا خسيس يعطونه على التبديل ، وابتغاء الرئاسة على الجهال ، كما فعله غيرهم ممن وصفه بقوله تعالى : { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى } وقال : { أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة } لكن ينقادون للحق ، ويعملون بما أمرهم الله به مما أنزل إليهم ، وينتهون عما نهاهم عنه ثم قال : { أولئك } يعني هؤلاء الذين يؤمنون { بالله * وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم … لهم أجرهم عند ربهم } يعني لهم عوض أعمالهم وثواب طاعاتهم فيما يطيعونه فيها مذخور عند ربهم حتى يوفيهم يوم القيامة { إن الله سريع الحساب } وصفه بالسرعة لأنه لا يؤخر الجزاء عمن يستحقه لطول الحساب ، لأنه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم قبل أن يعملوها وبعد أن عملوها ، فلا حاجة به إلى احصاء ، عدد فيقع في الاحصاء ابطاء وقال الجبائي : لأنه قادر على أن يكلمهم في حال واحدة كل واحد بكلام يخصه . لأنه قادر لنفسه و { خاشعين } نصب على الحال ، ويمكن أن يكون حالا من الضمير في { يؤمن } وهو عائد إلى قوله : { لمن يؤمن بالله } ويمكن أن يكون حالا من قوله : { إليهم } وقال الحسن : الخشوع : الخوف اللازم للقلب من الله . وأصل الخشوع : السهولة : والخشعة ، سهولة الرمل كالربوة . والخاشع من الارض : الذي لا يهتدى له ، لأن الرمل يعفي اثاره . ومنه قوله : { خاشعة أبصارهم } { وخشعت الأصوات للرحمن } والخاشع : الخاضع ببصره . والخشوع : التذلل خلاف التصعب .