Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 20-20)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : المعني بقوله : { فإن حاجوك } نصارى نجران - على قول جميع المفسرين - فان قيل : لم قال : " ومن اتبعن " ولم يؤكد الضمير ، فلم يقل : اسلمت أنا ولا يجوز أن يقول القائل قمت وزيد إلا بعد أن يقول قمت أنا وزيد ؟ قيل : إنما جاز ها هنا لطول الكلام ، فصار طوله عوضاً من تأكيد الضمير المتصل ، ولو قال اسلمت وزيد لم يجز حتى يقول : أسلمت أنا وزيد ، فاذا قال : أسلمت اليوم بانشراح صدري ومن جاء معي حسن . فان قيل ما الحجة في قوله : { فقل اسلمت وجهي لله } ؟ قلنا فيه وجهان : أحدهما - أنه أراد إلزامهم على - ما أقروا به من أن الله خالقهم - اتباع أمره في { ألا تعبدوا إلا إياه } فلذلك قال : { أسلمت وجهي لله } أي انقدت لأمره في اخلاص التوحيد له . الثاني - أنه ذكر الأصل الذي يلزم جميع المكلفين الاقرار به لأنه لا ينتفض في ما يحتاج إلى العمل عليه في الدين الذي هو طريق النجاة من العذاب إلى النعيم ، ومعنى قوله : { وجهي } يريد نفسي وإنما أضاف الاسلام إلى الوجه ، لأنه لما كان وجه الشيء أشرف ما فيه ذكر بدلا منه ليدل على شرف الذكر . ومثله { كل شيء هالك إلا وجهه } أي إلا هو . وقوله : { وقل للذين أوتوا الكتاب } يعني اليهود والنصارى ، { والأميين } الذين لا كتاب لهم على قول ابن عباس وغيره . من أهل التأويل ، وهم مشركوا العرب ، كما قال : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم } وقال : { النبي الأمي } أي الذي لا يكتب . وإنما قيل لمن لا يكتب أمي ، لأنه نسب إلى ما عليه الأمة في الخلقة لأنهم خلقوا لا يكتبون شيئاً . وإنما يستفيدون الكتابة . وقوله : { ومن اتبعن } من حذف الياء اجتزاء بالكسرة وإنما حذفها حمزة ، والكسائي وعاصم ، وحذف الياء في أواخر الآي أحسن لأنها تشبه القوافي . ويجوز في وسط الآي أيضاً وأحسنها ما كان قبلها نون مثل قوله : " ومن اتبعن " ، فان لم يكن نون ، فانه يجوز أيضاً نحو قولك هذا غلام ، وما أشبه ذلك . والاجود أن تقول هذا غلامي وإن شئت أسكنت الياء . وإن شئت فتحتها وقوله : { ءأسلمتم } أمر في صورة الاستفهام ، وإنما كان كذلك ، لأنه بمنزلة طلب الفعل ، والاستدعاء إليه فذكر ذلك للدلالة على أمرين من غير تصريح به ليقر المأمور به بما يلزمه فيه ، كما تقول لمن توصيه بما هو أعود عليه : أقبلت هذا . ومعناه اقبل ، ومثله قوله تعالى : { فهل أنتم منتهون } معناه انتهوا ، وأقروا به . وتقول لغيرك : هل أنت كاف عنا . ومعناه اكفف . ويقول القائل لغيره : أين أنت ، ومعناه اثبت مكانك لا تبرح . وقوله : { فإن أسلموا فقد اهتدوا } معناه اهتدوا إلى طريق الحق { وإن تولوا } معناه كفروا ، ولم يقبلوا واعرضوا عنه { فإنما عليك البلاغ } ومعناه عليك البلاغ ، فقط دون ألا يتولوا ، لأنه ليس عليك ألا يتولوا . وقوله : { والله بصير بالعباد } معناه ها هنا لا يفوته شيء من أعمالهم التي يجازيهم بها ، لأنه بصير بهم أي عالم بهم وبسرائرهم وظواهر أعمالهم ، لا يخفى عليه خافية . وقيل معناه يعلم ما يكون منك في التبليغ ، ومنهم في الايمان ، والكفر .