Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 21-21)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القراءة : قرأ حمزة ونصير { ويقاتلون الذين يأمرون } بالف لأن في مصحف عبد الله { وقاتلوا } والأجود ما عليه الجماعة . المعنى : وقوله : { إن الذين يكفرون } معناه يجحدون { آيات الله } يعني حججه وبيناته { ويقتلون النبيين } روى أبو عبيدة بن الجراح قال : قلت يا رسول الله أي الناس أشد عذاباً يوم القيامة قال : " رجل قتل نبياً أو رجلا أمر بمعروف ونهى عن منكر " ، ثم قرأ رسول الله { ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم } ثم قال يا أبا عبيدة ، قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أول النهار في ساعة واحدة ، فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عُباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ، ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعاً من آخر النهار في ذلك اليوم ، وهم الذين ذكرهم الله . واستدل الرماني بذلك على جواز انكار المنكر مع خوف القتل ، وبالخبر الذي رواه الحسن عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر يقتل عليها " وقال عمرو بن عبيد : لا نعلم عملا من أعمال البشر أفضل من القيام بالقسط يقتل عليه . وهذا الذي ذكروه غير صحيح ، لأن من شرط إنكار المنكر إلا يكون فيه مفسدة ، وألا يؤدي إلى قتل المنكر ، ومتى أدى ذلك إلى قتله ، فقد انتفي عنه الشرطان معاً فيجب أن يكون قبيحاً ، والاخبار التي رووها أخبار آحاد لا يعارض بها على أدلة العقول على أنه لا يمتنع أن يكون الوجه فيها وفي قوله : { ويقتلون الذين يأمرون بالقسط } هو من غلب على ظنه أن انكاره لا يؤدي إلى مفسدة فحسن منه ذلك بل وجب وإن تعقب - في ما بعد - القتل ، لأنه ليس من شرطه أن يعلم ذلك بل يكفي فيه غلبة الظن . وقوله : { بغير حق } لا يدل على أن قتل النبيين يكون بحق بل المراد بذلك أن قتلهم لا يكون إلا بغير حق ، كما قال : { ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به } والمعنى ان ذلك لا يكون عليه برهان كما قال امرؤ القيس : @ على لاحب لا يهتدى بمناره إذا سافه العود الديافي جرجرا @@ وتقول : لا خير عنده يرجى . وأنت تريد لا خير عنده أصلاً . وكذلك أراد امرؤ القيس أنه لا منار هناك ، فيهتدى به قال أبو ذؤيب : @ متفلق انشاؤها عن قاني كالقرط صاو غيره لا يرضع @@ أي ليس له بقية لبن فيرضع ، ومعنى صاو في البيت صوت يابس النخلة . وقوله : { ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس } معناه الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . وقوله : { فبشرهم بعذاب أليم } إنما خاطبهم بذلك وإن كان الخبر عن أسلافهم من حيث رضواهم بافعالهم ، فاجملوا معهم على تقدير فبشر أخلافهم بأن العقاب لهم ، وكأسلافهم . فان قيل لم جاز أن تقول إن الذي يقوم ، فيكرمك ، ولم يجز ليت الذي يقوم فيكرمك ؟ قلنا : لأن دخول الفاء لشبه الجزاء ، لأن الذي يحتاج إلى صلة فصلتها قامت مقام الشرط ، فلذلك دخل الفاء في الجواب كما دخل في جواب الشرط ، وليت تبطل معنى الجزاء وليس كذلك أن لأنها بمنزلة الابتداء .