Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 28-28)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة ، والحجة : قال الفراء ، والحسن ، ومجاهد : " تقية " وبه قرأ يعقوب . الباقون { تقاة } وأمال { تقاة } الكسائي . وقرأ حمزة ، ونافع بين بين . الباقون بالتفخيم ، وهو الأجود ، لأن فيه حرفاً مستعلياً ، وهو القاف . ومن أمال ، ليؤذن أن الالف منقلبة من الياء . معنى قوله : { يتخذ المؤمنون } نهي للمؤمنين أن يتخذوا الكافرين أولياء يعني أنصاراً ، وكسر الذال لالتقاء الساكنين ، ولو رفع ، لكان جائزاً بمعنى لا ينبغي لهم أن يتخذوا . المعنى : وقوله : { من دون المؤمنين } من لابتداء الغاية . وتقدير الآية لا تجعلوا ابتداء الولاية مكاناً دون المؤمنين لأن مكان المؤمن الأعلى ومكان الكافر الأدنى ، كما تقول زيد دونك ولست تريد أنه في موضع مسفل ، وأنك في موضع مرتفع لكن جعلت الشرف بمنزلة الارتفاع والخيانة كالاستفال . وفي الآية دلالة على أنه لا يجوز ملاطفة الكفار . قال ابن عباس : نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفار قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً } وقال : { لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله } وقال : { فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } وقال { واعرض عن الجاهلين } وقال تعالى : { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم } وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم } وكل ذلك يدل على أنه ينبغي أن يعاملوا بالغلظة والجفوة دون الملاطفة ، والملاينة إلا ما وقع من النادر لعارض من الأمر . النظم : ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها أنه ( تعالى ) لما بين عظيم آياته بما في مقدوراته مما لا يقدر عليه سواه ، دل على أنه ينبغي أن تكون الرغبة في ما عنده وعند أوليائه من المؤمنين دون أعدائه الكافرين ، فنهى عن اتخاذهم أولياء دون أهل التقوى الذين سلكوا طريق الهدى . والولي هو الأولى ، وهو أيضاً الذي يلي أمر من ارتضى فعله بالمعونة والنصرة . وتجري على وجهين : أحدهما - المعين بالنصرة . والآخر - المعان فمن ذلك قوله : { الله ولي الذين آمنوا } أي معينهم بنصرته ، والمؤمن ولي الله أي معان بنصرة الله . وقوله : { ومن يفعل ذلك } يعني من اتخذ الكافرين أولياء { فليس من الله في شيء } أي ليس هو من أولياء الله الصالحين والله بريء منهم { إلا أن تتقوا منهم تقاة } فالتقية الاظهار باللسان خلاف ما ينطوي عليه القلب للخوف على النفس إذا كان ما يبطنه هو الحق فان كان ما يبطنه باطلا كان ذلك نفاقاً . اللغة : وقوله : { تقاة } أصله وقاة فابدلت الواو المضمومة تاء استثقالا لها ، لأنهم يفرون منها إلى الهمزة تارة وإلى التاء أخرى فأما التاء فلقربها من الواو مع أنها من حروف الزيادة . وأما الهمزة فلأنها نظيرتها في الطرف الآخر من مخارج الحروف مع حسن زيادتها أولا ، ووزن تقاة فعله مثل تودة ، وتخمة ونكاة , وهي مصدر اتقى تقاة ، وتقية ، وتقوى ، واتقاء . حكم التقية : والتقية - عندنا - واجبة عند الخوف على النفس وقد روي رخصة في جواز الافصاح بالحق عندها . روى الحسن أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال لاحدهما أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم . قال : أفتشهد أني رسول الله ؟ قال : نعم ، ثم دعا بالآخر فقال أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم ، فقال له أفتشهد أني رسول الله ؟ قال إني أصم - قالها ثلاثاً كل ذلك تقية - فتقول ذلك فضرب عنقه فبلغ ذلك فقال أما هذا المقتول فمضى على صدقه وتقيته وأخذ بفضله فهنيئاً له . وأما الآخر فقبل رخصة الله ، فلا تبعة عليه فعلى هذا التقية رخصة والافصاح بالحق فضيلة . وظاهر أخبارنا يدل على أنها واجبة ، وخلافها خطأ . وقوله : { ويحذركم الله نفسه } يعني اياه فوضع نفسه مكان إياه ، ونفسه يعني عذابه ، وأضافه إلى نفسه على وجه الاختصاص ، والتحقيق كما لو حققه بصفة بأن يقول يحذركم الله المجازي لكم . وقوله : { وإلى الله المصير } معناه إلى جزاء الله المصير أي المرجع .