Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 89-89)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : إن قيل إذا كانت التوبة من الذنب لا تصلح إلا بعد فعله ، فلم قال : { من بعد ذلك } ؟ قيل فائدته أنه يفيد معنى تابوا منه ، لأن توبتهم من غيره لا تنفع في التخلص منه ، كما لا تنفع التوبة من الكبير في التخلص من الصغير ، فأما من قال : إن التوبة من معصية لا تصح مع الاقامة على معصية أخرى ، فانه يقول ذلك على وجه التأكيد ، فان قيل : إذا كانت التوبة وحدها تسقط العقاب وتحصل الثواب فلم شرط معها الاصلاح ؟ قيل الوجه في ذلك إزالة الابهام لئلا يعتقد ، أنه إذا حصل الايمان ، والتوبة من الكفر لا يضر معه شيء من أفعال القبائح ، كقوله : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون } فذكر مع الايمان عمل الصالحات ، لازالة الايهام بأن من كان مؤمناً في الحكم ، لم يضره مع ذلك ما عمله من المعاصي . وقبول التوبة واجب ، لأنها طاعة واستحقاق الثواب بها ثابت عقلا ، فأما سقوط العقاب عندها ، فانما هو تفضل من الله ، ولولا أن السمع ورد بذلك , وإلا ، فلا دلالة في العقل على ذلك . وقوله : { فإن الله غفور رحيم } دخلت الفاء لشبهه بالجزاء ، إذا كان الكلام قد تضمن معنى إن تابوا { فإن الله غفور رحيم } أي يغفر لهم وليست في موضع خبر الذين ، لأن الذين في موضع نصب بالاستثناء من الجملة الأولى التي هي قوله : { أولئك عليهم لعنة الله … } الآية ، وذكر المغفرة في الآية دليل على أن اسقاط العقاب بالتوبة تفضل ، لأنه لو كان واجباً لما استحق بذلك الاثم بأنه غفور ، لأنه لا يقال هو غفور إلا فيما له المؤاخذة ، فأما ما لا يجوز المؤاخذة به فلا يجوز تعليقه بالمغفرة .