Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 1-5)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
خمس آيات كوفي وبصري وشامي ، وأربع في ما عداه ، عد الكوفيون { الم } وعدوا { غلبت الروم } وعد البصري والشامي { غلبت الروم } وعدوا { في بضع سنين } وعد المدني { غلبت الروم } وعد اسماعيل والمكى { غلبت الروم ، في بضع سنين } . قرأ ابن عمر ، وابو سعيد الخدري { غلبت الروم } بفتح الغين ، فقيل لابن عمر : على أي شيء غلبوا قال على ريف الشام ، وهذا غلط ، فان عند جميع المفسرين القزاءة بالضم . والسبب في ذلك معروف ، وهو ان الروم لما غلبهم فارس فرح مشركوا قريش بذلك من حيث ان اهل فارس لم يكونوا اهل كتاب ، وساء ذلك المسلمين ، فأخبر الله تعالى ان الروم وإن غلبهم فارس ، فان الروم ستغلب في ما بعد فارس { في بضع سنين } أي في ما بين ثلاث سنين إلى عشر ، فكان كما اخبر ، وكان ذلك معجزة ظاهرة باهرة للنبي صلى الله عليه وآله وروي أن جماعة من الصحابة راهنوا أبي بن خلف وقيل : أبا سفيان . إن لم يصح الخبر ووافقوهم على اربع سنين ، فلما اخبروا النبي صلى الله عليه وآله قال : " زيدوهم في الخطر واستزيدوا في الأجل " ففعلوا ، فغلبت الروم لفارس قبل المدة . اخبر الله تعالى ان الروم غلبت عليها فارس في أدني الأرض من أرض الشام إلى ارض فارس ، وانهم من بعد غلبتهم فارس سيغلبون في ما بعد في بضع سنين . وروي عن النبي صلى الله عليه وآله ان البضع - ها هنا - ما بين الثلاث إلى العشر . وروي ان سبب ذلك ان الروم لما غلبتها فارس فرح المشركون بذلك وقالوا : أهل فارس لا كتاب لهم غلبوا اهل الروم ، وهم اهل كتاب ، فنحن لا كتاب لنا نغلب محمداً الذي معه كتاب ، فانزل الله تعالى هذه الآيات تسلية للنبي والمؤمنين . وإن الروم وإن غلبها فارس ، فانها ستغلب فارس في ما بعد في بضع سنين . قال ابو سعيد الخدري : كان النصر يوم بدر للفريقين للنبي صلى الله عليه وآله والروم على فارس ، ففرح المؤمنون بالنصرين . وقيل : كان يوم الحديبية . وقال الفراء : قوله { من بعد غلبهم } تقديره غلبتهم ، فحذف الهاء للاضافة . كما قال { وإقام الصلاة } قال الزجاج : الغلب والغلبة مصدران ، مثل الحلب والحلبة ، والغلبة الاستيلاء على القرن بالقهر ، غلب يغلب فهو غالب وذلك مغلوب ، وتغلب تغلباً إذا تعرض للغلبة ، غالبه معالبة . و ( الأدنى ) الاقرب ، ونقيض الأدنى الاقصى ، ونقيض الأقرب الابعد ، والمراد أدنى الارض إلى جهة عدوهم . والبضع القطعة من العدد ما بين الثلاث إلى العشر ، اشتقاقه من بضعته إذا قطعته تبضيعاً ، ومنه البضاعة القطعة من المال في التجارة ، ومنه البضعة القطعة من البدن ، والمبضع ، لانه يقطع به العرق . والمباضعة الجماع . وقال المبرد البضع ما بين العقدين في جميع الاعداد . ثم اخبر تعالى بأن { لله الأمر من قبل ومن بعد } تقديره من بعد غلبهم ومن قبل غلبهم ، فقطع عن الاضافة وبني لأنه على الغاية وتفسيرها انه ظرف قطع عن الاضافة التي هي غاية ، فصار كبعض الاسم ، فاستحق البناء وبني على الحركة ، لان له اصلا في التمكن يستعمل . وبني على الضمة لانها حركة لا تكون له في حال الاعراب . فهي ادل على البناء . ثم قال { ويومئذ يفرح المؤمنون } أي يوم يغلب الروم لفارس يسر المؤمنون تفاؤلا بأن يغلبوا هم المشركين . ثم بين بماذا يفرحون ، فقال { بنصر الله ينصر من يشاء من عباده وهو العزيز } في انتقامه من اعدائه { الرحيم } إلى من أناب اليه من خلقه .