Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 6-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل الكوفة إلا أبا بكر { ويتخذها } نصباً ، الباقون رفعاً من قرأ بالنصب عطفه على { ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها } أي يشتري لهو الحديث للامرين . ومن رفع عطف على قوله { يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله … ويتخذها هزواً } ومن قرأ { ليضل } - بضم الياء وكسر الضاد - أراد يفعل ذلك ليضل غيره . ومن - فتح الياء - أراد ليضل هو نفسه بذلك . اخبر الله تعالى ان { من } جملة { الناس من يشتري لهو الحديث } أي يستبدل لهو الحديث . وقيل في معناه قولان : احدهما - انه يشتري كتاباً فيه لهو الحديث . الثاني - انه يشتري لهو الحديث عن الحديث . واللهو الأخذ في ما يصرف الهم من غير الحق ، تقول : لهى فلان يلهو لهواً ، فهو لاه ، وتلهى تلهياً وألهاه إلهاء ، واللهو واللعلب والهزل نظائر . والحديث الخبر عن حوادث الزمان . وقال ابن عباس وابن مسعود ومجاهد : لهو الحديث الغناء ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام . وقال قوم : هو شراء المغنيات . وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله تحريم ذلك . وقال قتادة : هو استبدال حديث الباطل على حديث الحق . وقيل : كلما كان من الحديث ملهياً عن سبيل الله الذي أمر باتباعه إلى ما نهى عنه ، فهو لهو الحديث . وقيل : الآية نزلت في النضر ابن الحارث بن كلدة كان اشترى كتباً فيها أحاديث الفرس : من حديث رستم واسفنديار ، فكان يلهيهم بذلك ويطرف به ، ليصد عن سماع القرآن وتدبر ما فيه . وقوله { ليضل عن سبيل الله } أي ليتشاغل بما يلهيه عن سبيل الله . وقال ابن عباس : سبيل الله قراءة القرآن ، وذكر الله ، لان حجة الله قائمة عليه بالدواعي التي تزعجه إلى النظر فيما يؤديه إلى العلم بالواجب ليعمل ، فيتشاغل ليخف ذلك الازعاج . ومن قرأ بالضم أراد ليضل غيره بذلك . وقوله { ويتخذها هزواً } أي يتخذ سبيل الله سخرية ، فلا يتبعها ويشغل غيره عن اتباعها . والضمير في قوله { ويتخذها } يجوز أن يكون راجعاً إلى الحديث ، لأنه بمعنى الاحاديث ، ويجوز أن يكون راجعاً إلى { سبيل الله } والسبيل يؤنث ويذكر . ويجوز أن يكون راجعاً إلى ( آيات الله ) في قوله { تلك آيات الكتاب } . ثم اخبر تعالى أن من هذه صفته { له عذاب مهين } أي عذاب بذله . والاذلال بالعداوة هو الهوان . فأما اذلال الفقر والمرض ، فليس بهوان ، ولا إذلال على الحقيقة . وإذلال العقاب لا يكون إلا هواناً ، وإن كان العذاب على وجه الامتحان ، فلا يكون هواناً أيضاً . ثم اخبر تعالى عن صفة هذا الذي يتخذ آيات الله هزواً ويشتري لهو الحديث أنه { إذا تتلى عليه آياتنا } التي هي القرآن { ولى مستكبراً } أي اعرض عنها تكبراً عن استماعها . والكفر فيها ، كأنه { لم يسمعها } من حيث لم يفكر فيها ، ولم يعتبر بها و { كأن في أذنيه وقراً } أي ثقلا يمنع من سماعه . ثم امر نبيه صلى الله عليه وآله أن يبشر من هذه صفة { بعذاب أليم } أي مؤلم موجع . ثم اخبر تعالى عن صفة المؤمنين المصدقين بتوحيد الله وصدق انبيائه فقال { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } أي صدقوا بالله ونبيه وفعلوا الطاعات { لهم جنات النعيم } يوم القيامة يتنعمون فيها { خالدين فيها } أي مؤبدين في تلك البساتين { وعد الله حقاً } أي وعده الله حقاً ، لا خلف لوعده { وهو العزيز } في انتقامه { الحكيم } في أفعاله ، إذ لا يفعل إلا ما فيه المصلحة ووجه من وجوه الحكمة . ثم اخبر تعالى عن نفسه بأنه { خلق السماوات } فأنشاها واخترعها { بغير عمد ترونه } أي ليس لها عمد يسندها ، لانه لو كان لها عمد لرأيتموها فلما لم تروها دل على أنه ليس لها عمد ، لأنه لو كان لها عمد لكانت اجساماً عظيمة حتى يصح منها إقلال السموات ، ولو كانت كذلك لاحتاجت إلى عمد آخر ، فكان يتسلسل . فاذاً لا عمد لها ، بل الله تعالى سكنها حالا بعد حال بقدرته التي لا توازيها قدرة قادر . وقال مجاهد : لها عمد لا ترونها ، هذا فاسد لأنه لو كان لها عمد لكانت أجساماً عظيمة ، لانه لا يقل مثل السموات والارض إلا ما فيه الاعتمادات العظيمة . ولو كانت كذلك لرأيت ، وكان يؤدي إلى ما ذكرناه من التسلسل . ثم قال { وألقى في الأرض رواسي } يعني الجبال الثابتة { أن تميد بكم } وقيل معناه لئلا تميد بكم ، كما قال الراجز : @ والمهر يأبى أن يزال ملهيا @@ بمعنى لا يزال . وقال قوم : معناه كراهة أن تميد بكم { وبث فيها من كل دابة } أي فرق فيها من كل دابة أى من كل ما يدب على الارض { وأنزلنا من السماء ماء } يعني غيثاً ومطراً { فأنبتنا فيها } بذلك الماء { من كل زوج كريم } أى من كل نوع حسن النبت طيب الريح والطعم .