Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 6-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
خمس آيات عراقي لم يعدوا { جديد } آية . وست في ما عداه ، لأنهم عدوا { جديد } آية . قرأ ابن كثير ، وابو عمرو ، وابن عامر { أحسن كل شيء خلقه } باسكان اللام . الباقون بفتحها . من سكن اللام فعلى تقدير : الذي أحسن خلق كل شيء اي جعلهم يحسنونه والمعنى انه ألهمهم جميع ما يحتاجون اليه . قال الزجاج : ويجوز ان يكون على البدل ، والمعنى : احسن كل شيء . ويجوز أن يكون على المصدر وتقديره الذي خلق كل شيء خلقه . ومن فتح اللام جعله فعلا ماضياً ، ومعناه احسن الله كل شئ خلقه على إرادته ومشيئته ، وأحسن الانسان وخلقه في احسن صورة . وقيل : معناه إن وجه الحكمة قائم في جميع أفعاله ، ووجوه القبح منتفية منها ، ووجه الدلالة قائم فيها على صانعها ، وكونه عالماً . والضمير في قوله { خلقه } كناية عن اسم الله . لما اخبر الله تعالى انه الذي خلق السموات والارض وما بينهما في ستة أيام واستولى على العرش ، وانه الذي يدبر الأمور ما بين السموات والارض بين - ها هنا - ان الذي يفعل ذلك ويقدر عليه هو { عالم الغيب والشهادة } أي يعلم السر والعلانية { العزيز } في انتقامه من أعدائه { الرحيم } بعباده ، المنعم عليهم ، و { الغيب } خفاء الشيء عن الادراك . والشهادة ظهوره للادراك فكأنه قال : يعلم ما يصح أن يشاهد ، وما لا يصح أن يشاهد فيدخل في ذلك المعدوم والحياة والموت والقدرة وجميع ما لا يصح عليه الرؤية . والعزيز : هو القادر على منع غيره ولا يقدر الغير على منعه ، وأصله المنع من قولهم : من عز بزّ ، من غلب سلب ، لأن من غلب أسيره فمنعه أخذ سلبه . ثم قال الذي احسن كل شيء خلقه ، ومعنى ذلك في جميع ما خلقه الله تعالى وأوجده فيه وجه من وجوه الحكمة ، وليس فيه وجه من وجوه القبح . وذلك يدل على ان الكفر والضلال وسائر القبائح ليست من خلقه . ولفظة ( كل ) وإن كانت شاملة للاشياء كلها ، فالمراد به الخصوص - ها هنا - لأنه أراد ما خلقه الله تعالى من مقدوراته دون مقدور غيره ، ونصب قوله { خلقه } بالبدل من قوله { كل شيء } كما قال الشاعر : @ وظعني اليك الليل حضنيه انني لتلك إذا هاب الهداي فعول @@ وتقديره وظعني حضني الليل اليك . وقال الآخر : @ كأن هنداً ثناياها وبهجتها يوم التقينا على ادحال دباب @@ والمعنى كأن ثنايا هندو بهجة هند . وقوله { وبدأ خلق الإنسان من طين } أي ابتدأ خلق الانسان من طين ، يريد انه خلق آدم الذي هو أول الخلق من طين ، لأن الله تعالى خلق آدم من تراب ، فقلبه طيناً ، ثم قلب الطين حيواناً ، وكذلك قال { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون } وقال - ها هنا - و { وبدأ خلق الإنسان من طين } وكل ذلك لما في التصريفين دليل وقوله { ثم جعل نسله من سلالة } يعني نسل الانسان الذي هو آدم وولده من سلالة ، وهي الصفوة التي تنسل من غيرها خارجة ، قال الشاعر : @ فجاءت به عضب الاديم غضنفراً سلالة فرج كان غير حصين @@ { من ماء مهين } قال قتادة : المهين الضعيف . وهو ( فعيل ) من المهنة . وقوله { ثم سواه } أي عدله ورتب جوارحه { ونفخ فيه } يعني في ذلك المخلوق { من روحه } فأضافه إلى نفسه اضافة اختصاص وإضافة ملك على وجه التشريف . ثم قال { وجعل لكم } معاشر الخلق { السمع } لتسمعوا به الاصوات { والأبصار } لتبصروا بها المرئيات { والأفئدة } أي وخلق لكم القلوب لتعقلوا بها { قليلاً ما تشكرون } أي تشكرون نعم الله قليلا من كثير و ( ما ) زائدة ، ويجوز ان تكون مصدرية ، والتقدير قليلا شكركم ، لأن نعم الله لا تحصى . ثم حكى عن الكفار فقال { وقالوا أئذا ضللنا في الأرض } وفيه لغتان فتح اللام وكسرها ، وكل شيء غلب عليه غيره حتى يغيب فيه ، فقد ضل فيه ، قال الاخطل : @ كنت القذي في موج اكدر مزبد قذف الأتي به فضل ضلالا @@ وقال مجاهد وقتادة : معنى { ضللنا } هلكنا . وقال ابو عبيدة : همدنا فلم يوجد لهم دم ولا لحم { أئنا لفي خلق جديد } حكاية عن تعجبهم وقولهم كيف نخلق خلقاً جديداً ، وقد هلكنا وتمزقت أجسامنا . ثم قال { بل } هؤلاء الكفار { بلقاء ربهم } بالعذاب والعقاب { كافرون } أي جاحدون ، فلذلك قالوا : أإذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد ، جعل { إذا } منصوبة بـ { ضللنا } وتكون في معنى الشرط ، ولا توصل إلا بذكر الفاء بعدها ، لأن { إذا } قد وليها الفعل الماضي ولا يجوز أن تنصب { إذا } بما بعدها إذ لا خلاف بين النحويين فيه . وقرأ الحسن { صللنا } بالصاد غير منقوطة . ومعناه احد شيئين : احدهما - انتنا وتغيرنا وتغيرت صورنا ، يقال صل اللحم ، وأصل إذا أنتن ، والثاني - صللنا صرنا من جنس الصلة وهي الأرض اليابسة .