Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 18-23)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ست آيات حجازي وكوفي وخمس آيات شامي واربع آيات بصري عد الحجازيون والكوفي والشامي { البصير } و { النور } ولم يعده البصري وعد الحجازيون والعراقيون { القبور } ولم يعده الشامي . يقول الله تعالى مخبراً حسب ما تقتضيه حكمته وعدله أنه { لا تزر وازرة وزر أخرى } معناه أنه لا تحمل حاملة حمل أخرى من الذنب ، والوزر الثقل ، ومنه الوزير لتحمله ثقل الملك بما يتحمله من تدبير المملكة ، وتقديره أنه لا يؤاخذ احد بذنب غيره ، وإنما يؤاخذ كل مكلف بما يقترفه من الاثم . وقوله { وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى } معناه وإن تدع مثقلة بالآثام غيرها لتحمل عنها بعض الاثم لا يحمل عنها شيئاً من آثامها ، وإن كان أقرب الناس اليها ، لما في ذلك من مشقة حمل الآثام ولو تحملته لم يقبل تحملها ، لما فيه من مجانبة العدل ومنافاته له ، فكل نفس بما كسبت رهينة ، لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ، ولا يؤخذ إلا بجنايته . وقوله { إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب } معناه ليس ينتفع بتخويفك يا محمد إلا الذين يخافون ربهم في غيبتهم وخلواتهم فيجتنبون معاصيه في سرهم ويصدقون بالآخرة . وقوله { وأقاموا الصلاة } قال ابو عبيدة في مجازه : اي ويقيمون ، فوقع الماضي مقام المستقبل ، والمعنى يديمون فعلها ويقومون بشرائطها . وإنما عطف الماضي على المستقبل إشعاراً باختلاف المعنى ، لان الحسنة لازمة في كل وقت والصلاة لها اوقات مخصوصة ، واضاف الانذار إلى الذين يخشون ربهم من حيث كانوا هم المنتفعون بها ، وإن كان النبي صلى الله عليه وآله ينذر كل مكلف . ثم قال { ومن تزكى } أي فعل الطاعات وقام بما يجب عليه من الزكاة وغيرها من الواجبات فانما يتزكى لنفسه ، لان ثواب ذلك ونفعه عائد عليه . وقوله { وإلى الله المصير } معناه يرجع الخلق كلهم إلى حيث لا يملك الأمر والنهي إلا الله ، فيجازي كل مكلف على قدر عمله . وقوله { وما يستوي الأعمى والبصير } معناه لا يتساوى الأعمى عن طريق الحق والعادل عنها ، والبصير الذي يهتدي إليها قط ، لأن الأول يستحق العقاب ، والثاني يستحق الثواب { ولا الظلمات ولا النور } يعني وكذلك لا يستوي المؤمن والكافر والمطيع والعاصي فشبه الايمان بالنور والكفر بالظلمات ، وكذلك لا يستوي { الظل ولا الحرور } فالظل هو الستر عن موقع الشمس ومنه الظلة ، وهي السترة عن موقع الشمس ، ومنه قولهم : ظل يفعل كذا إذا فعل نهاراً في الوقت الذي يكون للشمس ظل ، والحرور السموم وهو الريح الحارة في الشمس ، وقال الفراء : الحرور يكون بالليل والنهار والسموم لا يكون إلا بالنهار . وقيل : الظل الجنة والحرور النار { وما يستوي الأحياء ولا الأموات } أي هما ايضاً لا يتساويان ولا يتماثلان ، فالاسواء حصول أحد الشيئين على مقدار الآخرة ، ومنه الاستواء في العود والطريق خلاف الاعوجاج ، لممره على مقدار أوله من غير انعدال . وهذه الأمثال أمثال ضربها الله لعبادة الله وعبادة الأوثان ، وبين أنه كما لا تتماثل هذه الاشياء ، ولا تتشاكل ولا تتساوى ، فكذلك عبادة الله لا تشبه عبادة الاصنام . ثم قال تعالى { إن الله يسمع من يشاء } ومعناه أن الله ينفع باسماع ذلك من يشاء ممن يعلم أن له لطفاً يفعله به دون غيره { وما أنت بمسمع من في القبور } أي لانك لا تقدر على نفع الكفار باسماعك إياهم إذا لم يقبلوا ، كمالا تسمع من في القبور من الأموات { إن أنت إلا نذير } أي لست إلا نذيراً مخوفاً بالله . شبه الكفار في تركهم قبول ما يسمعون وذهابهم عن تفهمه وتدبره بالموتى ، كما شبههم بالصم والعمي ، يقال : أصمهم وأعمى أبصارهم ليس أنهم كانوا لا يسمعون ولا يفهمون أو كان النبي صلى الله عليه وآله لا ينذرهم لكن على ما بيناه من التشبيه . وقيل في ( لا ) قولان : أحدهما - أنها زائدة مؤكدة للنفي . الثاني - انها باقية لاستواء كل واحد منهما لصاحبه على التفصيل . فمن قال : إنها زائدة قال في مثل قولهم لا يستوي زيد ولا عمرو في هذا المعنى ، فلا تكون هنا إلا زائدة . ومن قال : ليست زائدة ، قال تقديره لا يستوي الاعمى والبصير ولا يساوي البصير الاعمى .