Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 31-35)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابو عمرو { يدخلونها } بضم الياء على ما لم يسم فاعله ليشاكل قوله تعالى { يحلون } . الباقون بفتح الياء ، لانهم إذا أدخلوها فقد دخلوها ، والمعنيان متقاربان . يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله { والذي أوحينا إليك } يا محمد وأنزلناه عليك { من الكتاب } يعني القرآن { هو الحق } معناه هو الصحيح الذي معتقده على ما هو به . وضده الباطل ، وهو ما كان معتقده لا على ما هو به . والعقل يدعو إلى الحق ويصرف عن الباطل ، وقوله { مصدقاً لما بين يديه } معناه مصدقاً لما قبله من الكتب بأنه جاء موافقاً لما بشرت به تلك الكتب من حاله وحال من أتى به . ثم قال { إن الله } تعالى بعباده { لخبير } أي عالم بهم { بصير } بأحوالهم لا يخفى عليه شيء منها فيجازيهم على استعمال الحق بالثواب وعلى استعمال الباطل بالنار . ثم قال { ثم أورثنا الكتاب } يعني القرآن أورثناه من أصطفيناه من عبادنا . ومعنى الارث انتهاء الحكم اليه ومصيره لهم ، كما قال تعالى { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } وقيل المراد أورثناهم الايمان بالكتب السالفة وكان الميراث انتقال الشيء من قوم إلى قوم . والأول أصح . والاصطفاء الاختيار باخراج الصفوة من العباد ، فاصطفى الله المؤمن يحمل على ثلاث طبقات مؤمن ظالم لنفسه بفعل الصغيرة ، ومقتصد بالطاعات في المرتبة الوسطى ، وسابق بالخيرات في الدرجة العليا ، وهم الذين لم يرتكبوا شيئاً من المعاصي ، وكل وعد الله الحسنى ، والذين اصطفاهم الله وأورثهم الكتاب قيل : هم الانبياء فمنهم ظالم لنفسه يعني أصحاب الصغائر . وقيل : هم اصحاب النار ، هذا من قول من أجاز على الانبياء الصغائر دون الكبائر ، فأما من لا يجوز عليهم شيئاً من المعاصي أصلاً لا صغيرة ولا كبيرة يقول : معنى الآية إن الله تعالى أورث علم الكتاب الذي هو القرآن الذين اصطفاهم واجتباهم واختارهم على جميع الخلق من الانبياء المعصومين ، والأئمة المنتجبين الذين لا يجوز عليهم الخطأ ولا فعل القبيح لا صغيراً ولا كبيراً ، ويكون قوله { فمنهم ظالم لنفسه } راجعاً إلي ( عباده ) وتقديره فمن عبادنا ظالم لنفسه ، ومن عبادنا مقتصد ، ومن عبادنا سابق بالخيرات ، لأن من اصطفاه الله لا يكون ظالماً لنفسه ، فلا يجوز أن ترجع الكناية إلى الذين اصطفينا وقوله { بالخيرات } يعني يعلم من اقتصد او ظلم نفسه أو سبق بالخيرات . ثم قال { ذلك هو الفضل الكبير } يعني السبق بالخيرات هو الفضل العظيم الذي لا شيء فوقه . وقال ابن عباس : الذين أورثهم الله الكتاب هم أمة محمد ، ورثهم الله كل كتاب أنزله ، فظالمهم يغفر له ، ومقتصدهم يحاسبهم حساباً يسيراً وسابقهم يدخلون الجنة بغير حساب . وقال ابن مسعود - بذلك - وكعب الاحبار .