Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 36-40)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابوعمرو وحده { يجزى } بضم الياء على ما لم يسم فاعله . الباقون بالنون على وجه الاخبار من الله عن نفسه . وقرأ ابن كثير وابو عمرو وحفص { على بينة } بالتوحيد لقوله { قد جاءكم بينة من ربكم } الباقون { بينات } على الجمع ، لانها مكتوبة في المصاحف بالألف والتاء ، والبينة والبينات القرآن ، وفي قوله { حتى تأتيهم البينة رسول من الله } وهو محمد صلى الله عليه وآله . ويقال : بان الشيء وأبان إذا تبين ، فهو باين ومبين ، وأبنته أنا وبينته لا غير والبينة وزنها ( فيعلة ) فاجتمع ياآن فأدغم احداهما في الأخرى . لما اخبر الله تعالى عن أحوال اهل الآخرة وما أعده لأهل الجنة من أنواع الثواب أخبر - ها هنا - عن حال الكفار وما أعده لهم من أليم العقاب فقال { والذين كفروا } بوحدانية الله وجحدوا نبوة نبيه { لهم نار جهنم } عقوبة لهم على كفرهم يعذبون فيها { لا يقضى عليهم فيموتوا } أي لا يحكم عليهم بالموت فيموتوا فيستريحوا ، يقال قضى فلان إذا مات { ولا يخفف عنهم من عذابها } معناه ولا ييسر عليهم عذاب النار ولا يسهل عليهم ومثل هذا العذاب ونظيره { كذلك نجزي كل كفور } جاحد لوحدانيته تعالى ومكذب لانبيائه . ثم اخبر تعالى عن حال من هو في النار فقال { وهم يصطرخون فيها } أي يتصايحون بالاستغاثة ، فالاصطراخ الصياح والنداء بالاستغاثة ، وهو افتعال من الصراخ قلبت التاء طاء لاجل الصاد الساكنة قبلها ، وإنما فعل ذلك لتعديل الحروف بحرف وسط بين حرفين يوافق الصاد بالاستعلاء والاطباق ويوافق التاء بالمخرج . ويقولون { ربنا أخرجنا } من عذاب النار { نعمل صالحاً } يعني نعمل بالطاعات والاعمال الصالحات التي أمرنا بها { غير الذي كنا نعمل } من المعاصي ، فيقول الله لهم - في جوابه تبكيتا لهم وإنكاراً عليهم { أو لم نعمركم } في دار الدنيا . وقال ابن عباس ، ومسروق : العمر الذي ذكره الله أربعون سنة ، وفي رواية أخرى ستون سنة ، وهو قول علي عليه السلام { ما يتذكر فيه من تذكر } أي عمرناكم مقدار ما يمكن أن يتذكر ويعتبر وينظر ويفكر من يريد أن يتفكر ويتذكر { وجاءكم النذير } يعني المخوف من معاصي الله ، قال ابن زيد : يعني به محمداً صلى الله عليه وآله وقال غيره : أراد الشيب . وقيل : الحمى { فذوقوا } معاشر الكفار عقاب كفركم ومعاصيكم { فما للظالمين من نصير } اي ليس لمن ظلم - وبخس نفسه حقها بارتكاب المعاصي - ناصر يدفع عنه العذاب . ثم اخبر تعالى بأنه { عالم غيب السماوات والأرض } لا يخفى عليه شيء مما غاب عن جميع الخلائق علمه { إنه عليم بذات الصدور } ومعناه اتقوا واحذروا أن تضمروا في أنفسكم ما يكرهه الله تعالى ، فانه عليم بما في الصدور لا يخفى عليه شئ منها . وقوله { هو الذي جعلكم خلائف في الأرض } معناه جعلكم معاشر الكفار أمة بعد أمة وقرناً بعد قرن . وهو قول قتادة { فمن كفر } أي جحد وحدانيته وأنكر نبوة نبيه صلى الله عليه وآله { فعليه } عقاب { كفره } دون غيره { ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتاً } أي لا يزيدهم كفرهم بالله عند الله إلا أشد البغض لان المقت اشد البغض { ولا يزيد الكافرين } أيضاً { كفرهم إلا خساراً } لانهم يخسرون الجنة ويحصل لهم النار بدلا منها { وذلك هو الخسران المبين } ثم قال موبخاً لهم { قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله } قيل : معناه إدعوا شركاءكم في الاموال التي جعلتم لها قسطاً من السائبة والوصيلة والانعام والحر ث ، وهي الأوثان . وقيل : شركاءكم الذين اشركتموهم في العبادة مع الله { أروني ماذا خلقوا من الأرض } معناه أي شيء اخترعوه وانشؤه فيدخل عليكم بذلك شبهة { أم لهم شرك في السماوات ؟ } أي لهم شركة في خلق السموات ؟ على وجه المعاونة لله ؟ { أم آتيناهم كتاباً } ؟ أي أعطيناهم كتاباً أمرناهم فيه بما يفعلونه { فهم على بينة منه } اي من ذلك الكتاب ، فان جميع ذلك محال لا يمكنهم ادعاء شيء من ذلك ، ولا إقامة حجة ولا شبهة عليه { بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضاً إلا غروراً } ومعناه ليس شيء من ذلك لكم ، ليس يعد الظالمون أنفسهم بعضهم بعضاً إلا غروراً يغترون به وزوراً يتعدون به ، يقال : غره يغره غروراً إذا أطمعه في ما لا يطمع فيه . فان قيل : الآية تدل أن الله سبحانه ينفرد بالخلق دون العباد ، لأنه بين أن من تهيأ له الخلق فهو إله . قلنا : هذا كقوله { ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها } فكما لا يدل على ان من كان له يد أو رجل يكون إلهاً ، فكذلك لا يجب ان يكون من يخلق يكون الها على انه بين المراد بالخلق ، فقال { ماذا خلقوا من الأرض } لا يقدر على خلق الارض ولا على شيء منه إلا الله تعالى على أنا لا نطلق اسم خالق إلا على الله ، ونقيده في الواحد منا .