Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 41-45)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

خمس آيات كوفي ومكي ومدني الأول . وست شامي ، وفي عدد اسماعيل . وسبع بصري . عد البصري والشامي واسماعيل { تبديلاً } وعد البصري قبله { تزولا } ولم يعد ذلك الباقون . لما بين الله تعالى أن الاصنام لا تقدر على شيء وأن ليس لها شرك في السموات والأرض ، أخبر عن عظيم قدرته وسعة سلطانه فقال { إن الله يمسك السماوات } بأن يسكنها حالا بعد حال ، ولا يقدر على تسكينها غيره تعالى حال بعد حال ، لأنه يسكنها بغير عمد ، فالارضون ساكنة بلا عمد والسموات ساكنة باسكانه . وهي غير الأفلاك التي تجري فيها النجوم ، قال عبد الله بن مسعود ان السموات لا تدور ، ولو كانت تدور لكانت قد زالت . ومنعهما بهذا التسكين من أن تزولا عن مواضعها او تهوي او تسقط ، ومعنى { أن تزولا } كراهة أن تزولا . وقال الكوفيون : معناه ألا تزولا عن مراكزهما ، فحذف ( لا ) . ثم قال { ولئن زالتا } معنى ( لئن ) ( لو ) ويوضع كل واحد منهما مكان الآخر ، لانهما يجابان بجواب واحد . ومثله { ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفراً } ومعناه و ( لو ) ومعنى { ولئن زالتا } يعني عن مقرهما { إن أمسكهما من أحد من بعده } أي ليس يسكنها احد ولا يقدر عليه احد بعد الله تعالى { إنه كان حليماً } يعني القادر الذي لا يعاجل واحداً بالعقوبة ، ولا يحلم إلا قادر ، لان من ليس بقادر ، لا يصح ان يعاقب ، فلا يحلم وإنما حلمه أناة بمن استحق العقوبة { غفوراً } أي ستاراً لذنوبهم إذا تابوا لا يفضحهم بها على رؤس الأشهاد ، و ( الغفور ) الكثير الغفران لذنوب عباده بالتوبة وبالتفضل لمن يشاء منهم . ثم حكى عن الكفار أنهم { أقسموا بالله } يعني حلفوا به { جهد أيمانهم } أي غاية وسعهم وطاقتهم { لئن جاءهم نذير } أي مخوف من جهة الله يخوفهم من معاصيه { ليكونن أهدى } إلى اتباعه والقبول منه { من إحدى الأمم } الماضية وأسبق إلى اتباعه { فلما جاءهم نذير } أي محمد صلى الله عليه وآله جاءهم يخوفهم بالله { ما زادهم } مجيئه { إلا نفوراً } أي ازدادوا عند مجيئه نفوراً عن الحق وهرباً منه لا أن مجيئه زادهم ذلك . ثم بين تعالى انهم ينفرون عند مجيء النبي { استكباراً } أي طلباً للكبر والتجبر على غيرهم { في الأرض } من أن يقروا بالحق { ومكر السيء } أي وحيلة الأفعال القبيحة والمعاصي لانهم قصدوا بذلك الفرار من اتباع محمد والايمان به ، والسيء الشرك - في قول قتادة - واضيف اليه كما قال { لحق اليقين } وفي قراءة عبد الله بن مسعود { ومكراً سيئاً } وقد سكن حمزة وحده الهمزة . الباقون جروها بالاضافة . والتسكين لحن عندهم اعني البصريين ، لا يجوز ان يقرأ به . وقيل الوجه في تسكين حمزة كثرة الحركات في الكلام ، كما قال الشاعر : @ إذا اعوججن قلت صاحب قوم @@ فسكن الباء لكترة الحركات ، والصحيح الأول ، لأن مثل هذا إنما يجوز في ضرورة الشعر ، قال ابو علي النحوي : يجوز أن يكون أجراه في الوصل مجرى الوقف ، وتقدير ومكرراً المكر السيء ، فأضيف المصدر إلى صفة المصدر ، وتقديره ومكروا المكر السيء بدلالة قوله { ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله } ومعناه لا ينزل باحد جزاء المكر السيء إلا بمن فعله { فهل ينظرون } أي فهل ينتظرون { إلا سنة الأولين } من نزول العقاب بهم وحلول النقمة عليهم جزاء على كفرهم ، فان كانوا ينتظرون ذلك { فلن تجد } يا محمد والمراد به الكفار { لسنة الله تبديلاً } أي لا يغير الله عادته من عقوبة من جحد ربوبيته { ولن تجد لسنة الله تحويلاً } ولا يبدلها بغيرها ، فالتبديل تصير الشيء مكان غيره ، والتحويل تصير الشيء في غير المكان الذي كان فيه ، والتغيير تصيير الشيء على خلاف ما كان . ثم قال { أولم يسيروا في الأرض } يعني هؤلاء الكفار الذين انكروا إهلاك الله الأمم الماضية . أما ساروا في الارض { فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا } أولئك { أشد منهم } من هؤلاء { قوة وما كان الله ليعجزه من شيء } إذ لم يكن يفوته شيء { في السماوات ولا في الأرض انه كان عليماً } عالماً بجميع الأشياء { قديراً } قادراً على ما لا نهاية له ، ويقدر على اجناس لا يقدرون عليها . ثم اخبر تعالى ممننا على الناس بتأخير عقابهم بان قال { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا } أي جزاء على معاصيهم عاجلا { ما ترك على ظهرها } ظهر الارض { من دابة } تدبّ على رجليها { ولكن يؤخرهم إلى أجل } يعني إلى الوقت المعلوم الذي قدره لتعذيبهم { فإذا جاء أجلهم } يعني الوقت المقدر المعلوم { فإن الله } تعالى { كان بعباده بصيراً } أي عالماً بأحوالهم لا يخفى عليه شيء منها فيجازي كل انسان على قدر فعله من طاعة او معصية ، والضمير في قوله { على ظهرها } عائد إلى الارض وإن لم يجر لها ذكر لدلالة الكلام عليه ، لأنه معلوم أنهم على ظهر الارض دون غيرها ، على أنه قد تقدم قوله { أو لم يسيروا في الأرض } وفي قوله { إن الله يمسك السماوات والأرض } فيجوز أن يرد الكناية اليها .