Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 11-15)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابو بكر عن عاصم { فعززنا } مخففاً بمعنى فقهرنا من قولهم : من عزيز الباقون بالتشديد يعني قوينا الاثنين بثالث معيناً ، لما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله إن هؤلاء الكفار لا يؤمنون أبداً واخبره بأنه سواء عليهم الانذار وترك الانذار بين ههنا حال من ينتفع بالانذار فقال { إنما تنذر من اتبع الذكر } ومعناه إنما ينتفع بانذارك وتخويفك من اتبع الذكر ، لان نفس الانذار قد حصل للجميع وأضافه - ها هنا - إلى من اتبع الذكر لما كانوا المنتفعين به ، كما قال { هدى للمتقين } . والذكر المذكور - ها هنا - القرآن - في قول قتادة - { وخشي الرحمن بالغيب } قيل في معناه قولان : احدهما - وخشى الرحمن وخاف ارتكاب معاصيه في غيبه عن الناس . والثاني - وخشي الرحمن في ما غاب عنه من الآخرة وأمرها . ثم قال لنبيه من هذه صفته { فبشره بمغفرة } من الله لذنوبه { واجر } أي ثواب { كريم } وهو ما يفعله الله على وجه الاجلال والاكرام . وقيل : الاجر الكريم الجنة . ثم اخبر تعالى عن نفسه فقال { إنا نحن نحي الموتي } بعد أن افنيناهم { ونكتب ما قدموا } من طاعاتهم ومعاصيهم في دار الدنيا ، وهو قول مجاهد وقتادة { وآثارهم } قال مجاهد : يعني خطاهم إلى المساجد ، لان بني سلمة من الانصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد منازلهم من المسجد والصلاة مع رسول الله ، فنزلت فيهم الآية . وقيل : معناه وآثارهم التي تبقى بعدهم ويقتدى بهم فيها . ثم قال { وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } ومعناه أحصيناه في كتاب ظاهر ، وهو اللوح المحفوظ . والوجه في احصاء ذلك في إمام مبين اعتبار الملائكة به إذا قابلوا به ما يحدث من الامور ، وكان فيه دليل على معلومات الله على التفصيل . ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله { واضرب لهم مثلا } معناه اذكر لهم مثلا . وقيل : معناه مثل لهم مثلا ، من قولهم : هؤلاء اضراب أي امثال . وقوله { أصحاب القرية } قال عكرمة والفراء : هي انطاكية { إذ جاءها المرسلون } اي حيث بعث الله اليهم بالرسل { إذ أرسلنا إليهم اثنين } يعني رسولين . وقال قوم : كانا رسولي عيسى من حواريه . وقال آخرون : كانا رسولين من رسل الله وهو الظاهر { فكذبوهما } أي جحدوا نبوتهما { فعززنا بثالث } أي فعززهما الله بثالث فيمن قرأ بالتشديد وشد ظهرهما به - في قول مجاهد وابن زيد - ومن خفف أراد فغلب الله بثالث أرسله اليهم { فقالوا } لهم يا اهل القرية { إنا إليكم مرسلون } ارسلنا الله اليكم { قالوا } لهم { ما أنتم إلا بشر مثلنا } أي ليس أنتم إلا بشر أمثالنا ، فدخلت عليهم الشبهة فاعتقدوا أنه من حيث انهم امثالهم في البشرية لا يصلح ان يكونوا رسلا كما لا يصلحون هم لذلك { وما أنزل الرحمن من شيء } مما تذكرونه وتدعونا اليه { إن أنتم إلا تكذبون } أي ليس انتم إلا كاذبون على الله ومتخرصون عليه في ادعائكم الرسالة ، وذهب عنهم معنى { اخترناهم على علم على العالمين } وأنه تعالى علم من حال هؤلاء صلاحهم للرسالة وتحملهم لاعبائها ولم يعلم ذلك من حالهم بل على خلاف ذلك .