Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 71-75)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى منبهاً لخلقه على الاستدلال على معرفته { أولم يروا } ومعناه او لم يعلموا { أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا انعاماً } ومعناه إنا عملناه من غير أن نكله إلى غيرنا ، فهو بمنزلة ما يعمله العباد بأيديهم في انهم تولوا فعله ولم يكلوه إلى غيرهم ، وتقديره انا تولينا خلق الانعام لهم بأنفسنا . والأنعام جمع النعم ، وهي الأبل والبقر والغنم { فهم لها مالكون } معناه . لو لم يخلق ذلك لما صح ملكهم لها ، وكذلك سائر أملاك العباد بهذه الصفة فهو المنعم على عباده بكل ما ملكوه ، وبحسب ما ينتفعون به يكون حاله حال المنعم . واليد في اللغة على أربعة أقسام : احدهما - الجارحة . والثاني - النعمة . والثالث - القوة . والرابع - بمعنى تحقيق الاضافة . تقول : له عندي يد بيضاء أي نعمة ، وتلقى قولي باليدين أي بالقوة والتقبل ، وقول الشاعر : @ دعوت لما نابني مسوراً فلبى فلبى يدي مسور @@ فهذا بمعنى تحقيق الاضافة . وتقول هذا ما جنت يدك ، وما كسبت يدك أي ما كسبت أنت . وقوله { وذللناها لهم } فتذليل الانعام تسخيرها بالانقياد ورفع النفور لان الوحشي من الحيوان نفور ، والانسي مذلل بما جعله الله فيه من الانس والسكون ، ورفع عنه من الاستيحاش والنفور . وقوله { فمنها ركوبهم ومنها يأكلون } قسمة الانعام ، فان الله تعالى جعل منها ما يركب ومنها ما يذبح وينتفع بلحمه ويؤكل ، فالركوب - بفتح الراء - صفة . يقال : دابة ركوب أي تصلح للركوب ، والركوب - بضم الراء - مصدر ركبت . وقرأت عائشة { فمنها ركوبتهم } مثل الحلوبة . وقوله { ولهم فيها منافع ومشارب } فمن منافعها لبس اصوافها وشرب ألبانها واكل لحومها وركوب ظهورها إلى غير ذلك من انواع المنافع الكثيرة فيها . ثم قال { أفلا تشكرون } الله على هذه النعم المختلفة المتقنة . ثم اخبر عن حال الكفار فقال { واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون } يعبدونها لكي ينصروهم . ثم قال تعالى { فلا يستطيعون نصرهم } يعني هذه الآلهة التي اتخذوها وعبدوها لا تقدر على نصرهم والدفع عنهم ما ينزل بهم من عذاب الله { وهم لهم جند محضرون } ومعناه إن هذه الآلهة معهم في النار محضرون ، لأن كل حزب مع ما عبد من الأوثان في النار ، كما قال { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } إلا من استثناه بقوله { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون } فاما الاصنام فان الله تعالى يجعلها مع من عبدها في النار ، فلا الجند يدفعون عنها الاحراق بالنار ولا هم يدفع عنهم العذاب . وقال قتادة : يعني وهم لهم جند محضرون أي وهم يغضبون للاوثان في الدنيا .