Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 66-70)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابو بكر عن عاصم { مكاناتهم } على الجمع . الباقون على التوحيد ، لأنه يدل على القليل والكثير . وقرأ عاصم وحمزة { ننكسه } بضم النون الأولى وفتح الثانية وتشديد الكاف . الباقون بفتح النون الأولى وتخفيف الثانية وتخفيف الكاف ، وهما لغتان تقول : نكست ونكست مثل رددت ورددت غير ان التشديد للتكثير ، والتخفيف يحتمل القليل والكثير ، وقال ابو عمرو بالتشديد إن ترك الرجل من دأبه ، وبالتخفيف ان يرده إلى ارذل العمر ، ففرق بينهما . وقرأ نافع وابوا جعفر والداحوني عن هشام والنقار ويعقوب { أفلا تعقلون } بالتاء . الباقون بالياء ، والأول على الخطاب ، والثاني على الخبر عن الغائب . وقرأ اهل المدينة وابن عامر { لتنذر } بالتاء . الباقون بالياء . يقول الله تعالى مخبراً عن قدرته على إهلاك هؤلاء الكفار الذين جحدوا وحدانيته وعبدوا سواه وجحدوا رسله إنا { لو نشاء لطمسنا على أعينهم } قال ابن عباس : معناه إنا لو شئنا أعميناهم عن الهدى . وقال الحسن وقتادة : معناه لتركناهم عمياً يترددون والطمس محو الشئ حتى يذهب أثره ، فالطمس على العين كالطمس على الكتاب ، ومثله الطمس على المال : إذهابه حتى لا يقع على إدراكه { فاستبقوا الصراط } ومعناه طلبوا النجاة . والسبق اليها ولا بصر لهم { فأنى تبصرون } وقيل : معناه فاستبقوا الطريق إلى منازلهم فلم يهتدوا اليها . وقال ابن عباس : معناه طلبوا طريق الحق وقد عموا عنها . والطمس على العين إذهاب الشق الذي بين الجفنتين ، كما تطمس الريح الأثر يقال أعمى مطموس ، وطمس أي عمي { فاستبقوا } معناه فابتدروا ، وهذا بيان من الله أنهم في قبضته ، وهو قادر على ما يريد بهم ، فليحذروا تنكيله بهم . ثم قال زيادة في التحذير والارهاب { ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم } والمسخ قلب الصورة إلى خلقة مشوهة كما مسخ قوماً قردة وخنازير ، والمسخ نهاية التنكيل . وقال الحسن وقتادة : معناه لمسخناهم على مقعدهم على أرجلهم والمكانة والمكان واحد ، ولو فعلنا بهم ذلك { فما استطاعوا مضياً } أي لما قدروا أن يذهبوا أصلا ولا أن يجيئوا ثم قال { ومن نعمره ننكسه في الخلق } معناه إن من طولنا عمره نصيره بعد القوة إلى الضعف وبعد زيادة الجسم إلى النقصان وبعد الجدة والطراوة إلى البلى والخلاقة . وقيل معناه : نصيره ونرده إلى حال الهرم التي تشبه حال الصبي وغروب العلم وضعف القوى ذكره قتادة . وقوله { أفلا تعقلون } يعني ما ذكرناه بأن تفكروا فيه فتعرفوا صحة ما قلناه . ثم اخبر تعالى عن نبيه صلى الله عليه وآله فقال { وما علمناه الشعر وما ينبغي له } ومعناه ما علمناه الشعر لأنا لو علمناه ذلك لدخلت به الشبهة على قوم في ما اتي به من القرآن وأنه قدر على ذلك لما في طبعه من الفطنة للشعر . وقيل : لما لم يعط الله نبيه العلم بالشعر وإنشائه لم يكن قد علمه الشعر ، لأنه الذي يعطي فطنة ذلك من يشاء من عباده . ثم قال { إن هو إلا ذكر وقرآن مبين } يعنى ليس الذي أنزلناه عليه شعراً بل ليس إلا ذكر من الله { وقرآن مبين لتنذر به } يعني واضح ، وفعلنا ذلك وغرضنا أن تنذر به أي تخوف به من معاصي الله { من كان حياً } قيل : معناه من كان مؤمناً ، لأن الكافر شبهه ومثله بالاموات في قوله { أموات غير أحياء } ويقويه قوله { ويحق القول على الكافرين } ويجوز أن يكون أراد من كان حياً عاقلاً دون من كان جماداً لا يعقل ، ويحق القول على الكافرين إذا لم يقبلوه وخالفوا فيه . ومن قرأ بالتاء وجه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وآله لأنه الذي يخوف . ومن قرأ بالياء معناه إن الله الذي يخوفهم ويرهبهم بالقرآن ، لانه الذي أنشأه ، ويجوز أن يكون القرآن هو الذي ينذر من حيث تضمن الانذار .