Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 11-20)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل الكوفة إلا عاصما { بل عجبت } بضم التاء . الباقون بفتحها . قال ابو علي : من فتح التاء أراد : بل عجبت يا محمد من إنكارهم البعث او من نزول الوحي على قلبك وهم يسخرون ، ومن ضم قال : معناه إن إنكار البعث مع بيان القدرة على الابتداء وظهور ذلك من غير استدلال عجيب عندك . وقال قوم : إن ذلك اخبار من الله عن نفسه بأنه عجيب ، وذلك كما قال { وإن تعجب فعجب قولهم } . وهذا غير صحيح ، لان الله تعالى عالم بالاشياء كلها على تفاصيلها ، وإنما يعجب من خفي عليه اسباب الاشياء ، وقوله { فعجب قولهم } معناه عندكم . وقرأ ابن عامر { إذا } على الخبر . الباقون على الاستفهام على أصولهم في التحقيق والتخفيف والفصل وقرأ { إنا } على الخبر اهل المدينة والكسائي ويعقوب . وقرأ الباقون بهمزتين على أصولهم في التحقيق والتليين والفصل . وقرأ اهل المدينة وابن عامر { أو آباؤنا } بسكون الواو - هنا وفي الواقعة - إلا أن ورشاً على اصله في إلقاء حركة الهمزة على الواو . الباقون بفتح الواو . وهذا خطاب من الله تعالى لنبيه يأمره بأن يستفتي هؤلاء الكفار وهو أن يسألهم أن يحكموا بما تقتضيه عقولهم ، ويعدلوا عن الهوى واتباعه ، فالاستفتاء طلب الحكم { أهم أشد خلقاً أم من خلقنا } يعني من قبلهم من الامم الماضية والقرون الخالية ، فانه تعالى قد أهلك الأمم الماضية الذين هم اشد خلقاً منهم لكفرهم ، ولهم مثل ذلك إن أقاموا على الكفر . وقيل : المعنى أهم اشد خلقاً منهم بكفرهم ، وهم مثل ذلك أم من خلقنا من الملائكة والسموات والارضين ، فقال : أم من خلقنا ، لأن الملائكة تعقل ، فغلب ذلك على ما لا يعقل من السموات ، والشدة قوة الفتل وهو بخلاف القدرة والقوة . وكل شدة قوة ، وليس كل قوة شدة ، واشد خلقاً ما كان فيه قوة يمنع بها فتله إلى المراد به . ثم اخبر تعالى انه خلقهم من طين لازب . والمراد انه خلق آدم من طين ، وإن هؤلاء نسله وذريته ، فكأنهم خلقوا من طين ، ومعنى { لازب } لازم فأبدلت الميم باء ، لأنها من مخرجها ، يقولون : طين لازب وطين لازم قال النابغة : @ ولا يحسبون الخير لا شر بعده ولا يحسبون الشر ضربة لازب @@ وبعض بني عقيل يبدلون من الزاي تاء . فيقولون : لاتب ، ويقولون : لزب ، ولتب ، ويقال : لزب يلزب لزوباً . وقال ابن عباس : اللازب الملتصق من الطين الحر الجيد . وقال قتادة : هو الذي يلزق باليد . وقال مجاهد : معناه لازق : وقيل : معناه من طين علك خلق آدم منه ونسب ولده اليه . وقوله { بل عجبت ويسخرون } فمن ضم التاء اراد أن النبي صلى الله عليه وآله أمره الله أن يخبر عن نفسه انه عجب من هذا القرآن حين أعطيه ، وسخر منه أهل الضلالة .