Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 123-132)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل الكوفة إلا أبا بكر { الله ربكم ورب آبائكم } نصباً . الباقون بالرفع . من نصب جعله بدلا من قوله { أحسن الخالقين } ومن رفع استأنف الكلام ، وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب { سلام على آل ياسين } على إضافة ( آل ) إلى ( ياسين ) . الباقون { على ألياسين } موصولة . من أضاف اراد به على آل محمد صلى الله عليه وآله لأن ( يس ) اسم من اسماء محمد على ما حكيناه . وقال بعضهم : أراد آل الياس عليه السلام . وقال الجبائي اراد أهل القرآن ، ومن لم يضف أراد الياس . وقال : الياسين ، لان العرب تغير الاسماء العجمية بالزيادة كما يقولون : ميكائيل وميكائين ، وميكال وميكائل ، وفي أسماعيل اسماعين قال الشاعر : @ يقول اهل السوق لما جينا هذا ورب البيت اسرائينا @@ وفي قراءة عبد الله { وإن إدريس لمن المرسلين سلام على إدراسين } وقيل أيضاً إنه جمع ، لانه اراد الياس ومن آمن معه من قومه ، وقال الشاعر : @ قدني من نصر الخبيبين قدي @@ فجعل ابن الزبير أبا خبيباً ومن كان على رأيه عدداً ولم يضفهم بالياء فيقول : خبيبين ، فخفف في الشعر مثل الأشعرين ، وكما قالوا : سيرة العمرين وخير الزهدمين ، وإنما أحدهما زهدم والآخر كردم . وقال قوم : تقديره على { آل ياسين } فخفف ، لانه أراد الياساً وقومه ، كما قالوا : الاشعرون والمهليون . قال الشاعر : @ انا ابن سعد اكرم السعدينا @@ وكلهم قرأ { وإن الياس } بقطع الهمزة إلا ان أبا عامر ، فانه فصل الهمزة وأسقطها في الدرج ، فاذا ابتدأ فتحها ، قال ابو علي النحوي : يجوز أن يكون حذف الهمزة حذفاً ، كما حذفها ابو جعفر في قوله { إنها لإحدى الكبر } ويحتمل أن تكون الهمزة التي تصحب لام التعريف ، وهي تسقط في الدرج ، وأصله ( ياس ) . اخبر الله تعالى أن الياس من جملة من أرسله الله إلى خلقه نبياً داعياً إلى توحيده وطاعته حين { قال لقومه ألا تتقون } الله بترك معاصيه وفعل طاعاته ، فاللفظ لفظ الاستفهام والمراد به الانكار ، كما يقول القائل ألا تتقي الله يا فلان في أن تظلم او تزني ، وما اشبه ذلك ، وإنما يريد بذلك الانكار . ثم قال لهم { أتدعون بعلا } قال الحسن والضحاك وابن زيد : المراد بالبعل - ها هنا - صنم كانوا يعبدونه ، والبعل في لغة اهل اليمن هو الرب ، يقولون من بعل هذا الثوب أي من ربه - وهو قول عكرمة ومجاهد وقتادة والسدي - ويقولون : هو بعل هذه الدابة أي ربها ، كما يقولون : رب الدار ورب الفرس ، وزوج المرأة بعلها ، والنخل والزرع إذا استقى بماء السماء فهو بعل ، وهو العذي ، خلاف السقي . والاصل في الرب المالك فالزوج رب البضع ، لانه مالكه . ومعنى الآية أتدعون بالالهية صنماً عادلين عن أحسن الخالقين ، وهذا إنكار عليهم أن يعتقدوا أن غير الله إله او يقولون لغيره يا إلهي . وقال قتادة : الياس وهو إدريس ، وقال ابن اسحاق : هو من ولد هارون ، وهو اسم نبي وهو أعجمي ، فلذلك لم ينصرف ، ولو جعل ( افعالا ) من الاليس وهو الشجاع الجريء لجاز . ثم بين لهم الذي هو أحسن الخالقين ، فقال { الله ربكم } الذي خلقكم { ورب آبائكم } أي الذي دبركم وخلقكم ، وخلق آباءكم { الأولين } يعني من مضى من آبائكم وأجدادكم . ثم حكى ان قومه كذبوه ولم يصدقوه ، وأن الله أهلكهم وأنهم لمحضرون عذاب النار . ثم استثنى من جملتهم عباده الذين اخلصوا عبادتهم لله وبين انه أثنى عليهم في آخر الامم بأن قال { سلام على ألياسين } وآل محمد صلى الله عليه وآله هم كل من آل اليه بحسب او بقرابة ، وقال قوم : آل محمد كل من كان على دينه ، ولا خلاف بين النحويين أن اصل ( آل ) اهل فغلبوا الهاء همزة وجعلوها مدة لئلا يجتمع ساكنان ، ألا ترى أنك اذا صغرت قلت أهيل ولا يجوز أويل ، لأنه رد إلى الأصل لا إلى اللفظ . وقوله { افلا تعقلون } معناه تتدبرون وتتفكرون في ما نزل بهؤلاء القوم وتعتبرون به لتجتنبوا ما كانوا يفعلونه من الكفر والضلال . وفي قوله { لمحضرون } حذف ، لان تقديره فانهم لمحضرون العقاب واليم العذاب لتكذيبهم والجزاء بما تقتضيه الحكمة فيهم . وهذا الابهام تغليظ في الوعيد بالعذاب ، لانه لعظمه معلوم لا يخفى أمره ، ووجه الحجة عليهم في قوله { ورب آبائكم الأولين } انه اذا كان الرب واحداً وجب اخلاص العبادة لواحد ، لانه الذي يملك الضر والنفع في جميع الامور ، وذلك يبطل عبادة الأوثان . ثم قال كما جازينا هؤلاء بهذا الجزاء وهو ان أثنينا عليهم في آخر الامم مثل ذلك نجزي من فعل الطاعات واجتنب المعاصي . ثم اخبر ان الياس كان جملة عباده المصدقين بجميع ما اخبر الله به من وعد ووعيد وغير ذلك ، العاملين بما اوجب الله عليهم .