Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 31-40)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا تمام ما حكى الله عن المغاوين للكفار يوم القيامة بأنهم إذا قالوا لهم لم يكن لنا عليكم من سلطان ، وإنما أنتم كنتم قوماً طاغين ، اخبروا أيضاً وقالوا { فحق علينا } أي وجب علينا { قول ربنا } بأنا لا نؤمن ، ونموت على الكفر او وجب علينا قول ربنا بالعذاب الذى يستحق على الكفر والاغواء { إنا لذائقون } العذاب يعني إنا ندركه كما ندرك المطعوم بالذوق ، ثم يعترفون على انفسهم بأنهم كانوا غاوين ، أي دعوناكم إلى الغي وقيل : معناه خيبناكم طرق الرشاد فغوينا نحن ايضاً وخيبنا ، فالاغواء الدعاء إلى الغي ، والغي نقيض الرشد ، وأصله الخيبة من قول الشاعر : @ فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائما @@ ويكون ( أغوى ) بمعنى خيب ، ومنه قوله { رب بما أغويتني } أي خيبتني . ثم اخبر تعالى انهم في ذلك اليوم مشتركون في العذاب ، ومعنى اشتراكهم اجتماعهم في العذاب الذي هو يجمعهم . ثم اخبر تعالى فقال إن مثل فعلنا بهؤلاء نفعل بجميع المجرمين ، وبين أنه إنما فعل بهم ذلك ، لأنهم { كانوا إذا قيل لا إله } معبود يستحق العبادة { إلا الله يستكبرون } عن قبول ذلك ، وطلبوا التكبر ، وهذه لفظة ذم من حيث استكبروا عن قول الحق . وحكى ما كانوا يقولون إذا دعوا إلى عبادة الله وحده فانهم كانوا { يقولون أإنا لتاركوا آلهتنا } ومعنى ذلك إنا نترك عبادة آلهتنا { لشاعر مجنون } يدعونا إلى خلافه ، يعنون بذلك النبي صلى الله عليه وآله يرمونه بالجنون تارة وبالشعر أخرى - وهو قول الحسن وقتادة - لفرط جهلهم حتى قالوا هذا القول الفاحش الذي يفضح قائله ، لأن المعلوم انه صلى الله عليه وآله كان بخلاف هذا الوصف ، والجنون آفة تغطي على العقل حتى يظهر التخليط في فعله ، وأصله تغطية الشيء : جن عليه الليل إذا غطاه ، ومنه المجن لأنه يستر صاحبه ، ومنه الجنان الروح ، لانها مستورة بالبدن ، ومنه الجنة لانها تحت الشجر . ثم اخبر تعالى تكذيباً لهم بأن قال ليس الأمر على ما قالوه { بل } النبي صلى الله عليه وآله { جاء بالحق } من عند الله وهو ما يجب العمل به { وصدق } مع ذلك { المرسلين } جميع من أرسله الله قبله ، ثم خاطب الكفار ، فقال { إنكم لذائقوا العذاب الأليم } يعني المؤلم الموجع جزاء على تكذيبكم بآياتنا وليس { تجزون إلا } على قدر { ما كنتم تعملون } من المعاصي ثم استثنى من جملة المخاطبين { عباد الله المخلصين } وهم الذين أخلصوا العبادة لله واطاعوه في كل ما أمرهم به ، فانهم لا يذوقون العذاب وإنما ينالون الثواب الجزيل .