Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 41-50)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة والكسائي وخلف { ينزفون } بكسر الزاي على اسناد الفعل اليهم الباقون بفتح الزاي - على ما لم يسم فاعله - ومن فتح فانه مأخوذ من نزف الرجل ، فهو منزوف ونزيف ، إذا ذهب عقله بالسكر ، وانزف فهو منزف به إذا فنيت خمره ، ويقال أنزف أيضاً إذا سكر . لما استثنى الله تعالى من جملة من يعاقبهم من الكفار المخلصين الذين أخلصوا عبادتهم لله وحده ، بين ما اعدّ لهم من انواع الثواب ، فقال { أولئك لهم رزق معلوم } يعني عطاء جعل لهم التصرف فيه وحكم لهم به في الأوقات المستأنفة في كل وقت شيئاً معلوماً مقدراً . ثم فسر ذلك الرزق ، فقال ذلك الرزق { فواكه } وهي جمع فاكهة وهي تكون رطباً ويابساً يتفكهون بها وينتفعون بالتصرف فيها { وهم } مع ذلك { مكرمون } أي معظمون مبجلون ، وضد الاكرام الاهانة وهي الانتقام وهم مع ذلك { في جنات النعيم } أي بساتين فيها انواع النعيم التي يتنعمون بها { على سرر } وهو جمع سرير { متقابلين } يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض { يطاف عليهم بكأس من معين } أي بكأس من خمر جارية في أنهار ظاهرة للعيون - في قول الحسن وقتادة والضحاك والسدي - والكأس اناء فيه شراب . وقيل : لا يسمى كأساً إلا إذا كان فيه شراب وإلا فهو اناء . وقوله { معين } يحتمل ان يكون ( فعيلا ) من العين ، وهو الماء الشديد الجري من أمعن في الأمر إذا اشتد دخوله فيه ويحتمل ان يكون وزنه ( مفعولا ) من عين الماء لانه يجري ظاهراً للعين . ثم وصف الخمر الذي في الكأس ، فقال { بيضاء } ووصفها بالبياض لانها تجري في انهار كاشرف الشراب . وهي خمر فيها اللذة والامتاع فترى بيضاء صافية في نهاية الرقة واللطافة مع النورية التي لها والشفافة ، لأنها على احسن منظر . مخبر . وقال قوم : بيضاء صفة للكأس ، وهي مؤنثة . واللذة نيل المشتهى بوجود ما يكون به صاحبه ملتذاً . والشراب مأخوذ من الشرب . وقوله { لا فيها غول } معناه لا يكون في ذلك الشراب غول أي فساد يلحق العقل خفياً ، يقال : اغتاله اغتيالا إذا أفسد عليه أمره ، ومنه الغيلة وهي القتل سرّاً . وقال ابن عباس { لا فيها غول } معناه لا يكون فيها صداع ولا أذى ، كما يكون في خمر الدنيا ، وقال الشاعر : @ وما زالت الكأس تغتالنا ونذهب بالاول الاول @@ هذا من الغيلة أي نصرع واحد بعد واحد { ولا هم عنها ينزفون } أي لا يسكرون والنزيف السكران ، لانه ينزف عقله ، قال الأبرد الرياحي : @ لعمري لئن انزفتم او ضحوتم لبئس التداني كنتم آل ابحرا @@ فالبيت يدل على ان أنزف لغة في نزف إذا سكر ، لأنه جعله في مقابلة الصحو . ومن قرأ بالسكر فعلى معنى : إنهم لا ينزفون خمرهم أي لا يفنى عندهم . وقوله { وعندهم قاصرات الطرف عين } معنى قاصرات الطرف تقصر طرفهن على أزواجهن - في قول الحسن وغيره - وقال بعضهم : معنى قاصرات راضيات من قولهم : اقتصرت على كذا ، ومعنى { عين } الشديدة كبياض العين الشديدة سوادها - في قول الحسن - والعين النجل وهي الواسعة العين . وقوله { كأنهن بيض مكنون } شبههن ببيض النعام يكنّ بالريش من الريح والغبار - في قول الحسن وابن زيد - وقال سعيد بن جبير والسدي : شبههن ببطن البيض قبل ان يقشر وقبل أن تمسه الأيدي ، والمكنون المصون يقال : كننت الشيء إذا صنته ، واكننته إذا سترته من كل شيء قال الشاعر : @ وهي زهراء مثل لؤلوة الغـ ـواص ميزت من جوهر مكنون @@ ثم قال { فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } يعني ان اهل الجنة يقبل بعضهم على بعض يتساءلون عن احوالهم وما تفضل الله عليهم من انواع الكرامات