Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 1-5)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ الحسن ( صاد ) بكسر الدال . وقال عيسى بن عمر بفتحها . الباقون بالوقف ، وهو الصحيح ، لأن حروف الهجاء يوقف عليها . ومن كسر فلاجتماع الساكنين . وقيل : إنه جعل من المصاداة وهي المعارضة . ومن فتح فلأن الفتحة أخف من الكسرة ، ولم يعدوا ( صاد ) آية ، لأنه يشبه الاسم المفرد في انه على ثلاثة احرف في هجاء حروف المعجم ، نحو ( باب ، وذات ، وناب ) وإنما يعد آية ما يشبه الجملة وشاكل آخره رؤس الآي التي بعده بالردف ومخرج الحروف . وليس - ها هنا - شيء من ذلك . واختلفوا في معنى ( صاد ) فقال قوم : هو اسم السورة على ما أخبرناه في ما مضى . وقال ابن عباس : هو اسم من اسماء الله أقسم به . وقال السدي : هو من حروف المعجم . وقال الضحاك : معناه صدق ، وقال قتادة : هو اسم من اسماء القرآن اقسم الله تعالى به . وقال الحسن : هو من المصاداة وهو ( صاد ) بالكسر أمر للنبي صلى الله عليه وآله أي عارض القرآن بعملك { والقرآن } قسم . فلذلك جر { ذي الذكر } قال ابن عباس : ذي الشرف ، وقال الضحاك وقتادة : ذي التذكر . وقيل : معناه ذى الذكر للبيان والبرهان ، المؤدي إلى الحق الهادي إلى الرشد الرادع عن الغي ، وفيه ذكر الأدلة التي من تمسك بها سعد . ومن عدل عنها شقي . ومن عمل بها نجا . ومن ترك العمل بها هلك . واختلفوا في جواب القسم ، فقال قوم : هو محذوف وتقديره لجاء الحق وظهر ، لان حذف الجواب في مثل هذا أبلغ ، لان الذكر يقصر المعنى على وجه . والحذف يصرف إلى كل وجه فيعم . وقال قوم : جوابه ما دل عليه قوله { بل الذين كفروا } كأنه قال : والقرآن ذي الذكر ما الأمر على ما قالوا - ذكر ذلك قتادة - وقال الفراء والزجاج : الجواب { كم } وتقديره لكم أهلكناه ، فلما طال الكلام حذفت اللام وصارت { كم } جواباً للقسم واليمين . ومثله قوله { ونفس وما سوّاها فألهمها } فصارت { قد أفلح } تابعة لقوله { فألهمها } وكفى عن جواب القسم ، وكأنه قال : والشمس وضحاها . لقد افلح ، وقال قوم : الجواب قوله { إن ذلك لحق تخاصم أهل النار } إلا انه قد بعد عن أول الكلام . وقوله { بل الذين كفروا في عزة وشقاق } اخبار منه تعالى أن هؤلاء الكفار قد مكنهم واعطاهم القوة ليقووا بها على الطاعات ، فتقووا - بسوء اختيارهم - بها على المعاصي وعلى دفع الحق الذي اتاهم وصاروا في شق غير شق رسولهم الذي من قبل ربهم . ثم اخبر تعالى انه اهلك أمماً كثيرة قبل هؤلاء الكفار حين عصاه الذين كفروا ، فلما نزل بهم العذاب نادوا واستغاثوا { ولات حين مناص } معناه لات حين فرار من العذاب . وقيل : المناص المنجاة يقال : ناص ينوص نوصاً إذا تأخر وباص يبوص بوصاً إذا تقدم قال امرؤ القيس : @ أمن ذكر ليلى ان ناتك تنوص فتقصر عنها خطوة وتبوص @@ ونصب ( لات حين ) لانها مشبة بـ ( ليس ) من جهة أنها نفي ولا تعمل إلا في ( الحين ) خاصة لضعف الشبه عن منزلة ( ما ) إذ كانت ( ما ) تشبه ( ليس ) من جهة النفي والحال قال الشاعر : @ تذكر حب ليلى لات حينا واضحى الشيب قد قطع القرينا @@ والوقف على ( لات ) بالتاء على قياس نظيرها من ( ثمت ، وربت ) لان ما قبلها ساكن - وهو قول الفراء - والكسائي يقف بالهاء ( لاه ) يجعل الالف في نية الحركة . ومن زعم انه ( لا تحين ) موصوله ، فقد غلط ، لأنها في المصحف وتأويل العلماء مفصولة . وقيل : ان ( مناص ) جر بـ ( لات ) وانشدوا لأبي زيد . @ طلبوا صلحنا ولات اوان فاجبنا أن ليس حين بقاء @@ وقال الزجاج : انشده ابو العباس بالرفع ، وقد روي بالكسر . وقال الزجاج : من كسر رأى ان يجعله مبنياً بمنزلة نداء ذلك الأقوام وبناه ، فحذف المضاف اليه وكسر دون ان يضم ، لأنه نوّنه ، فأجراه على نظائره من المنون المبني وأراد ولات أواناً . ثم اخبر تعالى ان الكفار عجبوا { حين جاءهم منذر } أي مخوف من جهة الله يحذرهم معاصيه ويدعوهم إلى طاعته ، وقالوا : هذا شيء عجاب ، وعجيب وعجاب وعجاب بمعنى واحد ، مثل كريم وكرام ، فعجب هؤلاء الكفار من أن الله بعث نبيهم وهو منهم ، وقالوا : كيف خص بذلك ، وليس باشرفنا ولا اغنانا . وقيل : إن أبا جهل وجماعة من أشراف قريش مشوا إلى أبي طالب وشكوا اليه النبي صلى الله عليه وآله وقالوا له : قد سفه احلامنا وشتم الالهة ، فدعاه ابو طالب وقال له : " ما لأهلك يشكونك ، فقال النبي صلى الله عليه وآله أدعوهم إلى كلمتين حقيقتين يسودون على العرب بها ، ويؤدي الخراج اليهم بها العجم ، فقال ابو جهل وغيره : ما هما فقال صلى الله عليه وآله : تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله . فقال ابو جهل : أتجعل الالهة إلهاً واحداً ؟ ! " فانزل الله الآية .