Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 1-5)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
خمس آيات كوفي وست في ما عداه ، عدَّ الكوفي { يختلفون } رأس آية ، ولم يعده الباقون . قوله { تنزيل الكتاب } رفع بالابتداء ، وخبره { من الله } . ويجوز ان يكون رفعاً على انه خبر الابتداء . والابتداء محذوف ، وتقديره : هذا تنزل ، والمراد بالكتاب القرآن - في قول قتادة - وسمي كتاباً لأنه مما يكتب . و ( العزيز ) هو القادر الذي لا يقهر ولا يمنع ، و ( الحكيم ) هو العليم بما تدعو اليه الحكمة وما تصرف عنه . وعلى هذا يكون من صفات ذاته تعالى . وقد يكون بمعنى أن افعاله كلها حكمة ليس فيها وجه من وجوه القبيح . فيكون من صفات الأفعال ، وعلى الأول يكون تعالى موصوفاً في ما لم يزل بأنه حكيم ، وعلى الثاني لا يوصف إلا بعد الفعل . وقيل { العزيز } في انتقامه من اعدائه { الحكيم } في ما يفعله بهم من انواع العقاب . والذي اقتضى ذكر ( العزيز الحكيم ) في إنزال الكتاب انه تعالى يحفظ هذا الكتاب حتى يصل اليك على وجهه من غير تغيير ولا تبديل لموضع جهته ولا لشيء منه ، وفي قوله { العزيز الحكيم } تحذير عن مخالفته . ثم اخبر تعالى عن نفسه انه أنزل الكتاب الذي هو القرآن { إليك } يا محمد { بالحق } أي بالدين الصحيح . ثم امره فقال { فاعبد الله مخلصاً له الدين } ومعناه توجه عبادتك اليه تعالى وحده مخلصاً من شرك الأوثان والأصنام . وقوله { مخلصاً له الدين } نصب { مخلصاً } على الحال . ونصب { الدين } بأنه مفعول لـ { مخلصاً } . وقال الفراء : يجوز أن يرفع { الدين } ، ولم يجزه الزجاج ، قال : لأنه يصير ما بعده تكريراً . ثم قال تعالى { ألا لله الدين الخالص } والاخلاص لله أن يقصد العبد بطاعته وعمله وجه الله ، لا يقصد الرياء والسمعة ، ولا وجهاً من وجوه الدنيا ، والخالص - في اللغة - ما لا يشوبه شيء غيره ، ومنه خلاصة السمن لأنه تخلصه . وقال الحسن : معناه الاسلام . وقال غيره : معناه ان له التوحيد في طاعة العباد التي يستحق بها الجزاء ، فهذا لله وحده لا يجوز أن يكون لغيره ، لاستحالة أن يملك هذا الأمر سواه . وقوله { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } معناه الحكاية عما يقول الكافرون الذين يعبدون الاصنام فانهم يقولون : ليس نعبد هذه الاصنام إلا ليقربونا إلى الله زلفى أي قربى - في قول ابن زيد - وقال السدي : الزلفى المنزلة . و ( الأولياء ) جمع ولي ، وهو من يقوم بأمر غيره في نصرته ، وحذف ( يقولون ) لدلالة الكلام عليه ، وهو أفصح ، واوجز . ثم اخبر تعالى فقال { إن الله يحكم بينهم يوم القيامة في ما هم فيه يختلفون } من إخلاص العبادة لله والاشراك به . ثم قال { إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار } معناه إن الله تعالى لا يهديه إلى طريق الجنة او لا يحكم بهدايته إلى الحق ، { من هو كاذب } على الله في أنه أمره باتخاذ الاصنام ، كافر بما أنعم الله عليه ، جاحد لاخلاص العبادة ، ولم يرد الهداية إلى الايمان ، لأنه قال { وأما ثمود فهديناهم } ثم قال تعالى { لو أراد الله أن يتخذ ولداً } على ما يقول هؤلاء : من أن الملائكة بنات الله ، أو على ما يقوله النصارى : من ان عيسى ابن الله ، أو ما يقوله اليهود : من أن عزيزاً ابن الله ، { لاصطفى } أي لاختار مما يخلق ما يشاء . ثم نزه نفسه عن ذلك فقال { سبحانه هو الله الواحد القهار } الذي لا نظير له ، القهار لجميع خلقه . ومن هذه صفته كيف يجوز أن يتخذ الأولاد ؟ ! . ثم بين عن قدرته فقال { خلق السماوات والأرض بالحق } أي لغرض حكمي دون العبث وما لا فائدة فيه . { يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل } أي يدخل كل واحد منهما على صاحبه ، ومنه كور العمامة . وقال قتادة : معناه يغشي . { وسخر الشمس والقمر } بأن أجراهما على وتيرة واحدة وتقدير واحد ، وكل ذلك يجرى { لأجل مسمى } يعني إلى مدة قدرها الله لهما ان يجريا اليها . وقيل : إلى قيام الساعة . ثم قال { ألا هو العزيز الغفار } يعني الله الذي لا يقهر ولا يغالب ، الغفار لمعاصي عباده إذا تابوا واقلعوا عن ذنوبهم . وفائدة الآية أن من قدر على خلق السموات والارض وتسخير الشمس والقمر . وإدخال الليل فى النهار ينبغي ان ينزه عن اتخاذ الولد ، واضافة شريك اليه لأن جميع ذلك لا يليق به ، لأنه من صفات المحتاجين .