Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 32-35)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { فمن أظلم } صورته صورة الاستفهام والمراد به التقريع والتوبيخ ، والمعنى فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً فادعى أن له ولداً وصاحبة ، أو أنه حرم ما لم يحرمه ، او أحل ما لم يحله ، وإنما كان من كذب على الله وكذب بالحق أظلم الخلق ، لأنه ظلم نفسه بأفحش الظلم من جهة كفره بربه وحجوده لحق نعمه حين أشرك به تعالى من لا نعمة له يستحق بها عبادته . وقال قتادة : { وكذب بالصدق إذ جاءه } يعني بالقرآن . ثم قال تعالى مهدداً لمن هذه صفته { أليس في جهنم مثوى للكافرين } والمثوى المقام يقال أثوى يثوي اثواء وثوى يثوي ثواء قال الشاعر : @ طال الثواء على ربع بيسؤدي أردى وكل جديد مرت مود @@ وقوله { والذي جاء بالصدق وصدق به } قال قتادة وابن زيد : المؤمنون جاؤا بالصدق الذي هو القرآن وصدقوا به ، وهو حجتهم في الدنيا والآخرة . وقيل الذي جاء بالصدق جبرائيل وصدق به محمد صلى الله عليه وآله . وفي قراءة ابن مسعود { والذي جاؤا بالصدق } قال الزجاج : الذي - ها هنا والذين بمعنى واحد يراد به الجمع . وقال : لأنه غير موقت . وقيل : الذي جاء بالصدق النبي صلى الله عليه وآله من قول لا إله إلا الله ، وصدق به ايضاً هو صلى الله عليه وآله والصحيح أن قوله { وصدق به } من صفة الذين جاؤا بالصدق ، لأنه لو كان غيرهم لقال والذي جاء بالصدق والذي صدق به . وقوله { أولئك هم المتقون } يعني من جاء بالصدق وصدق به هم المتقون معاصي الله خوف عقابه ، وإنما جاء بلفظ الجمع { هم المتقون } مع أن لفظ ( الذي ) واحد ، لأنه أراد به الجنس . ومعناه الجمع كقوله { والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وقال الأشهب بن رميلة : @ إن الذي حلت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أمّ خالد @@ ثم بين ما اعد لهم من النعيم فقال { لهم ما يشاؤن عند ربهم } جزاء على تقواهم ، وبين أن لهم { ذلك } وانه { جزاء المحسنين } الذين يفعلون الطاعات . وقوله { ليكفر الله عنهم أسوء الذي عملوا } أي يسقط عنهم عقاب الشرك والمعاصي التي فعلوها قبل ذلك بتوبتهم ورجوعهم إلى الله { ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون } يعني يثيبهم على طاعاتهم من الفرض والنفل ، وهي أحسن افعالهم لان المباح وإن كان حسناً لا يستحق به ثواب ولا مدح لان الثواب والمدح إنما يستحق على الطاعات .