Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 41-45)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة والكسائي إلا قتيبة وخلف { فيمسك التي قضي عليها } على ما لم يسم فاعله . الباقون { قضى } بفتح القاف ، وهو الأجود لأن اسم الله تعالى قد تقدم في قوله { الله يتوفى الأنفس حين موتها } وقيل : إن الموت - هٰهنا - المراد به النوم . والتوفي - هٰهنا - توفى النفس لا الروح ، لأن ابن عباس قال في ابن آدم نفس وروح ، فاذا نام قبضت نفسه وبقيت روحه . والروح والذي يكون بها الغظيط . والنفس هي التي يكون بها التميز ، فاذا مات قبضت نفسه وروحه . فان قيل : كيف قال هٰهنا { الله يتوفى الأنفس } وقال في موضع آخر { توفته رسلنا } { قل يتوفاكم ملك الموت } قيل : ان الذي يتولى قبض الأرواح ملك الموت بأمر الله ، ومعه رسل واعوان ، فلذلك قال { توفته رسُلنا } . وحجة من بنى الفعل للفاعل قوله { ويرسل الأخرى } ومن بنى للمفعول به ، فلان المعنى يؤل اليه . وقال الفراء تقديره الله يتوفى الانفس حين موتها ويتوفى التي لم تمت في منامها عند انقضاء اجلها . وقيل : توفها نومها لقوله { وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار } يقول الله تعالى مخبراً عن نفسه { إنا أنزلنا عليك } يا محمد { الكتاب } يعني القرآن { للناس بالحق } . ومعناه أنزلناه على انه حق ، فهذه فائدة الباء . وفي ذلك حجة على من زعم ان الله سبحانه يريد بانزاله إضلال الكافرين عن الايمان ، لانه لو كان كذلك لم يكن منزلا على انه حق وجب النظر في موجبه ومقتضاه ، فما رغب فيه وجب العمل به وما حذر منه وجب اجتنابه ، وما صححه وجب تصحيحه وما أفسده وجب افساده ، وما دعا اليه فهو الرشد ، وما صرف عنه فهو الضلال . ثم قال { فمن اهتدى } يعني بما فيه من الأدلة { فلنفسه } لان منفعة عاقبته من الثواب تعود عليه { ومن ضل } عنه وحاد { فإنما يضل عليها } يعني على نفسه ، لأن وخيم عاقبته من العقاب تعود عليه . ثم قال { وما أنت } يا محمد { عليهم بوكيل } أي بحفيظ ولا رقيب وإنما عليك البلاغ والوكيل القائم بالتدبير . وقيل { ما أنت عليهم بوكيل } معناه وما انت عليهم برقيب في ايصال الحق إلى قلوبهم وحفظه عليهم حتى لا يتركوه ولا ينصرفوا عنه ، ولا تقدر على إكراههم على الاسلام ، وإنما الله تعالى القادر عليه . قوله { الله يتوفى الأنفس حين موتها } معناه انه يقبضها اليه إذا اراد إماتتها بأن يقبض روحها بأن يفعل فيها الموت { والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت } فلا يردها اليه { ويرسل الأخرى … } التى يريد ابقائها إلى أن تستوفي اجلها الذي قدره لها . وقد ذكرنا ما روي عن ابن عباس من أن قبض الروح يكون منه ميتاً . وقبض النفس يكون به فاقداً للتمييز والعقل ، وإن لم يفقد حياته . والفرق بين قبض النوم والموت ان قبض النوم يضاد اليقظة ، وقبض الموت يضاد الحياة وقبض النوم تكون الروح معه في البدن ، وقبض الموت يخرج الروح منه عن البدن ، وقال سعيد بن جبير والسدي : ان أرواح الأحياء إذا ناموا تجتمع مع أرواح الاموات ، فاذا أرادت الرجوع إلى الاجساد أمسك الله ارواح الاموات وأرسل ارواح الاحياء . ثم قال { إن في ذلك } يعني في قبض الأرواح تارة بالموت ، وقبض الأنفس بالنوم أخرى { لآيات } أي دلالات واضحات على توحيد الله ، فانه لا يقدر عليه سواه { لقوم يتفكرون } أي يستعملون عقولهم بالفكر في ذلك فيعرفون الله تعالى بذلك . ثم اخبر عن هؤلاء الكفار فقال { أم اتخذوا } معناه بل اتخذ هؤلاء الكفار { من دون الله شفعاء } بزعمهم ، من الأصنام والأوثان فقال { قل } لهم يا محمد { أولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون } تنبيها لهم على انهم يتخذونهم شفعاء وإن كانوا لا يقدرون على شيء من الشفاعة ولا غيرها ولا يعقلون شيئاً . والالف في { أولو } الف الاستفهام يراد به التنبيه . ثم قال { قل } لهم يا محمد { لله الشفاعة جميعاً له ملك السماوات والأرض } أي الشفاعة لمن له التدبير والتصرف في السموات والأرض ليس لاحد الاعتراض عليه في ذلك { ثم إليه ترجعون } معاشر الخلق أي إلى حيث لا يملك احد التصرف والامر والنهي سواه ، وهو يوم القيامة فيجازي كل إنسان على عمله على الطاعات بالثواب وعلى المعاصي بالعقاب . ثم اخبر عن حالهم وشدة عنادهم ، فقال { وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة } يعني نفرت نفوسهم عن التوحيد وانقبضت عنه يقال : فلان مشمئز عن كذا إذا انقبض عنه . وفي قوله : اشمأزت قلوبهم دليل على فساد قول من يقول المعارف ضرورة { وإذا ذكر الذين من دونه } قال السدي : يعني اوثانهم { إذا هم يستبشرون } أي يفرحون ويسرون حتى يظهر السرور في وجوههم .