Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 46-50)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا أمر من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله والمراد به جميع المكلفين ان يدعوه بهذا الدعاء فيقولوا { اللهم فاطر السماوات والأرض } أي خالقهما ومنشئهما ومبتدئهما { عالم الغيب والشهادة } أي عالم ما غاب علمه عن جميع الخلائق وعالم ما شهدوه وعملوه ، لا يخفى عليك شيء من الاشياء { أنت تحكم بين عبادك } يوم القيامة { في ما كانوا فيه يختلفون } في دار الدنيا من أمر دينهم ودنياهم وتفصل بينهم بالحق . و { فاطر السماوات } عند سيبويه لا يجوز أن يكون صفة { اللهم } قال لأنه غير الاسم في النداء ، ولأنه لا يذكر بهذا الذكر إلا بعد ما عرف كما لا يضمر الاسم إلا بعد ما عرف ، فكما لا توصف المضمرات ، فكذلك هذا الاسم ، وليس يجب مثل ذلك في قولنا : ( الله ) لانه قد يذكره العارف لمن لا يعرفه فيعرفه إياه بصفته ، فيقول : الله فاطر السموات والارض وخالق الخلق ورب العالمين ومالك يوم الدين . وقال ابو العباس : يجوز أن يكون صفة ( اللهم ) حملا له على ( يا الله فاطر السماوات والأرض ) . ثم اخبر تعالى على وجه المبالغة في وقوع عقاب الكفار وعظمه بأنه لو كان لهم ملك جميع ما في الارض ، ومثله معه ، زيادة عليه وأراد الظالم لنفسه بارتكاب المعاصي أن يفتدي نفسه من شدة ذلك العذاب يوم القيامة لما قبل منه ، ولما فودي به ، وحذف الجواب لدلالة الكلام عليه . ثم قال { وبدا لهم } يعني الكفار ما لم يكونوا يحتسبونه ولا يظنونه واصلا اليهم ، والاحتساب الاعتداد بالشيء من جهة دخوله في ما يحسبه ، فلما كان أهل النار لم يكونوا يدرون ما ينزل بهم من العذاب صح ان يقال { بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } ولا قدروا أنهم يصيرون اليه . ثم قال { وبدا لهم } أي ظهر لهم ايضاً { سيئآت ما كسبوا } أي جزاء سيئآت ما كسبوا من اعمالهم { وحاق بهم } أي نزل بهم { ما كانوا به يستهزؤن } في الدنيا من قول الله ووعده ووعيده . ثم اخبر تعالى عن شدة تقلب الانسان وتحوله من حال إلى حال بأنه إذا مسه ضر من مرض ومصيبة وبلاء { دعانا } وفزع الينا { ثم } بعد ذلك { إذا خولناه } أي أعطيناه { نعمة منا } والتخويل العطاء بلا مكافات ولا مجازات بل تفضلا محضاً { قال إنما أوتيته على علم } قال الحسن معناه أني اوتيته بحيلتي وعملي وقال غيره : معناه على علم برضاه عني فلذلك اعطاني ما أولاني من النعمة . وقال آخرون : معناه على علم بأن تسببت به للعافية وكشف البلية وانه لم ينلها من قبل ربه . ثم قال ليس الامر على ما يقوله { بل هي فتنة } أي بلية واختبار يبتليه الله به فيظهر كيف شكره في مقابلتها ، فيجازيه بحسبها ، لأنه وإن كان عالماً بحاله لم يجز ان يجازيه على علمه ، وإنما يجازيه على فعله { ولكن أكثرهم لا يعلمون } صحة ما قلناه من ان ذلك محنة واختبار لقلة معرفتهم بالله وبصفاته . ثم قال { قد قالها الذين من قبلهم } يعني قد قال كلمة مثل ما قال هؤلاء { فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } من الأموال ويجمعونه بل صارت وبالاً عليهم .