Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 10-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة والحجة : قرأ ابن عامر ، وأبو بكر ، عن عاصم : وسيصلون - بضم الياء - الباقون ، بفتحها ، والفتح أقوى ، لقوله : { لا يصلاها إلا الأشقى } وقوله : { إلا من هو صال الجحيم } ومن ضم الياء ذهب إلى أصلاه الله إذا أحرقه بالنار . المعنى : وإنما علق الله تعالى الوعيد في الآية لمن يأكل أموال اليتامى ظلماً ، لأنه قد يأكله على وجه الاستحقاق ، بأن يأخذ منه أجرة المثل ، على ما قلناه . أو يأكل منه بالمعروف على ما فسرناه ، أو يأخذه قرضاً على نفسه ، فان قيل : إذا أخذه قرضاً على نفسه ، أو أجرة المثل ، فلا يكون أكل مال اليتيم ، وإنما أكل مال نفسه . قلنا : ليس الامر على ذلك ، لأنه يكون أكل مال اليتيم ، لكنه على وجه التزم عوضه في ذمته ، أو استحقه بالعمل في ماله ، فلم يخرج بذلك من استحقاق الاسم بانه مال اليتيم ، ولو سلم ذلك ، لجاز أن يكون المراد بذلك ضربا من التأكيد وبياناً ، لأنه لا يكون أكل مال اليتيم إلا ظلماً . ونصب ظلماً على المصدر ، وتقديره : إن من أكل مال اليتيم فانه يظلمه ظلماً . وقوله : { إنما يأكلون في بطونهم ناراً } قيل في معناه وجهان : أحدهما - ما قاله السدي من أن من أكل مال اليتيم ظلماً يبعث يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ، ومن مسامعه ، ومن أذنيه وأنفه وعينيه ، يعرفه من رآه . بأكل مال اليتيم . الثاني - أنه على وجه المثل ، من حيث أن فعل ذلك يصيّر إلى جهنم ، فتمتليء بالنار أجوافهم ، عقابا على ذلك الأكل منهم ، كما قال الشاعر : @ وان الذي اصبحتم تحلبونه دم غير أن اللون ليس باحمرا @@ يصف أقواماً أخذوا الابل في الدية ، يقول : فالذي تحلبون من ألبانها ليس لبناً ، إنما هو دم القتيل . اللغة : وقوله : { وسيصلون سعيراً } فالصلا لزوم النار ، للاحراق ، أو التسخن ، أو الانضاج ، يقال : صلي بالنار يصلى صلا بالقصر ، قال العجاج : @ وصاليات للصلا صليّ @@ ويقال الصلا بالكسر والمد ، قال الفرزدق : @ وقاتل كلب الحي عن نار أهله ليربض فيها والصَّلا متكنف @@ واصطلى صلى بالنار اصطلاء ، وأصليته النار اصلاء ، إذا القيته فيها . وفي التنزيل : { فسوف نصليه ناراً } والصالي بالشر الواقع فيه قال الشاعر : @ لم اكن من جناتها علم الله واني بحرها اليوم صالي @@ ومنه شاة مصلية ، أي مشوية . والسعير بمعنى مسعورة ، مثل كف خضيب ، بمعنى مخضوبة ، والسعر اشعال النار تقول سعرتها أسعرها سعراً . ومنه قوله : { وإذا الجحيم سعرت } واستعرت النار في الحطب استعاراً ، واستعرت الحرب والشر استعاراً ، ومنه سعر السوق ، لاستعارها به في النَّفاق . المعنى : وأكل مال اليتيم على وجه الظلم ، وغصبه متساويان في توجه الوعيد إليه ، ولا يدل على مثل ذلك في غير مال اليتيم ، لأن الزواجر عن مال اليتيم أعظم . وقال الجبائي : هما سواء ، ومن غصب من مال اليتيم خمسة دراهم فان الوعيد يتوجه إليه وقال الرماني : لا يتوجه إليه ، لأن أقل المال مئتا درهم . وقال الجبائي : يلزمه كما يلزم مانع الزكاة . وقال الرماني : هذا ليس بصحيح ، لأنه يجوز أن يكون منع الزكاة أعظم ، وما قلناه أولا أولى بعموم الآية . وقوله : لا يسمى المال إلا مئتا درهم دعوى محضة ، لا برهان عليها .