Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 136-136)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
[ القراءة والحجة ] : قرأ ابن كيثر وأبو عمر وابن عامر والكسائي عن أبي بكر { الكتاب الذي نزل والكتاب الذي أنزل } بضم النون ، والهمزه وكسر الزاء الباقون بفتحهما ، فمن فتحهما حمله على قوله : { أنا نحن نزلنا الذكر } وقوله : { وأنزلنا إليك الذكر } ومن ضمها حملهما على قوله : { ولنبين للناس ما نزل إليهم } وقوله : { يعلمون أنه منزل } وكل جيد سايغ . قيل في تأويل أمر من آمن - آمن يؤمن - بالله ورسوله ثلاثة اقوال : احدها - وهو المعتمد عليه عندنا واللايق بمذهبنا ان المعنى يا أيها الذين آمنوا في الظاهر بالاقرار بالله ورسوله ، وصدقوهما ، آمنوا بالله ورسوله في الباطن ، ليطابق باطنكم ظاهركم ويكون الخطاب خاصا بالمنافقين الذين كانوا يظهرون خلاف ما يبطنون . والكتاب الذي نزل على رسوله هو القران امرهم بالتصديق به والكتاب الذي انزل من قبل ، يعنى التوراة والانجيل امرهم بالتصديق بهما ، وانهما من عند الله . والثاني - ما اختاره الجبائي والزجاج والبلخي ان يكون ذلك خطاباً لجميع المؤمنين الذين هم مؤمنون على الحقيقة ظاهراً أو باطناً أمرهم الله تعالى أن يؤمنوا به في المستقبل بان يستديموا الايمان ، ولا ينتقلوا عنه ، لان الايمان الذي هو التصديق لا يبقى وانما يستمر بان يجدده الأنسان حالا بعد حال وهذا أيضاً وجه جيد . الثالث - ما اختاره الطبري من ان ذلك خطاب لأهل الكتاب اليهود والنصارى امرهم الله ( تعالى ) بان يؤمنوا بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، والكتاب الذي أنزل عليه كما آمنوا بما معهم من الكتب : التوراة والانجيل ويكون قوله : { والكتاب الذي نزل من قبل } اشارة الى ما معهم من الانجيل والتوراة ويكون وجه أمرهم بالتصديق لهما وان كانوا مصدقين بهما ، لاحد امرين : احدهما - ان التوراة والانجيل اذا كان فيهما صفات النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وما ينبئ عن صدق قوله وصحة نبوته فمن لم يصدق النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولم يصدق الكتاب الذي أنزل معه ، لا يكون مصدقاً بما معه ، لان في تكذيبه ، تكذيب ما معه من التوراة والانجيل ، فيجب عليه أن يصدق النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ويقر بما انزل عليه ، ليكون مصدقاً بما معه ، ومعترفاً به . والثاني - أن يكون متوجهاً إلى اليهود الذين آمنوا بالتوراة دون الانجيل والقران ، فيكون الله أمرهم بالاقرار بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) وبما انزل من قبل يعني الانجيل . وذلك لا يصح الا بالاقرار بعيسى ( عليه السلام ) أيضاً وانه نبي من قبل الله وقوله : { ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر } معناه ان من كفر بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) فيجحد نبوته ويجحد ما انزله الله عليه ، فكانه جحد جميع ذلك ، لأنه لا يصح ايمان احد من الخلق الا بالايمان بما امره الله بالايمان به ، والكفر بشيء منه كفر بجميعه فكذلك قال : { ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر } فعقب خطابه لاهل الكتاب وأمره اياهم بالايمان بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) تهديداً لهم ، وان كانوا مقرين بوحدانية الله تعالى والملائكة والكتب والرسل ، واليوم الآخر سوى محمد ( صلى الله عليه وآله ) وما جاء به من القران فبين لهم ان من جحد محمداً بنبوته لا ينفعه الايمان بشيء سواه ، ويكون وجوده وعدمه سواء وقوله : { فقد ضل ضلالاً بعيداً } معناه فقد ذهب عن قصد السبيل وجاز عن محجة الطريق ألى المهالك ضلالا ذهاباً ، وجوراً بعيداً .