Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 135-135)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
[ القراءة والحجة ] : قرأ ابن عامر وحمزه { وإن تلوا } بضم اللام ، بعدها واو واحدة ساكنة . الباقون يسكنون اللام بواوين بعدها أولهما مضمومة . حجة من قرأ بواو واحدة أن قال : إن ولاية الشيء اقبال عليه وخلاف الاعراض عنه . والمعنى ان تقبلوا أو تعرضوا فإن الله بما تعملون خبيراً فيجازي المحسن المقبل باحسانه ، والمسيء المعرض باعراضه وتركه الاقبال على ما يلزمه ان يقبل عليه قال : ولو قرأت بالواوين ، لكان فيه تكرار ، لان اللي كالاعراض ألا ترى ان قوله : { لووا رؤسهم ورايتهم يصدون } معناه أعراض منهم ، وترك الانقياد للحق ومثله { لياً بألسنتهم } معناه أنحراف وأخذ فيما لا ينبغي ان يأخذوا به . وحجة من قرأ بالواوين من لووا ان تقول لا يمتنع ان تتكرر اللفظتان المختلفتان بمعنى واحد على وجه التأكيد ، كقوله : { فسجد الملآئكة كلهم أجمعون } وكقول الشاعر : @ وهند اتى من دونها النأي والبعد @@ وقول آخر : @ والفى قولها كذباً وميناً @@ وقالوا : أيضا يجوزان يكون تلوا كان أصله تلووا ، وان الواو التي هي عين همزت لانضمامها ، كما همزت في قوله : ( أدروا ) والقيت حركة الهمزة على اللام التي هي فاء ، فصار تلوا أجاز ذلك الزجاج والفراء وأبو علي الفارسي . [ المعنى واللغة ] : ومعنى الآية ان الله تعالى لما حكى عن الذين سعوا إلى رسول الله في امر بني أبيرق وقيامهم لهم بالعذر ، وذبهم عنهم من حيث كانوا أهل فقر وفاقة ، أمر الله المؤمنين ان يكونوا { قوامين بالقسط } يعني بالعدل والقسط ، والاقساط : العدل يقال : أقسط الرجل إقساطاً إذا عدل وأتى بالقسط وقسط ويقسط قسوطاً : إذا أجار وقسط البعير يقسط قسطاً إذا يبست يده ويد قسط ، أي يابسة { شهد الله } وهو جمع شهيد ونصب شهداء على الحال من الضمير في قوله : { قوامين } وهو ضمير الذين آمنوا وقوله : { ولو على أنفسكم } يعني ولو كانت شهادتكم على أنفسكم أو على والديكم أو على أقرب الناس اليكم ، فقوموا فيها بالقسط والعدل ، وأقيموها على صحتها ، وقولوا فيها الحق ، ولا تميلوا فيها لغنى غني ، ولا فقر فقير ، فتجوروا ، فان الله قد سوى بين الغني والفقير فيما ألزمكم من أقامة الشهادة لكل واحد منهما بالعدل ، وهو تعالى أولى بهما وأحق ، لانه مالكهما والههما دونكم وهو اعلم بما فيه مصلحة كل واحد منهما في ذلك ، وفي غيره من الامور كلها منكم ، فلا تتبعوا الهوى في الميل في شهادتكم إذا قمتم بها لغني أو فقير الى احدهما ، فتعدلوا عن الحق أي تجوزوا عنه وتضلوا ولكن قوموا بالقسط ، وأدوا الشهادة على ما امركم الله عز وجل بادائها بالعدل لمن شهدتم عليه وله ، فان قيل كيف تكون شهادة الانسان على نفسه حتى يامر الله تعالى بذلك ، قلنا : بان يكون عليه حق لغيره ، فيقرّ له ولا يجحده ، فادب الله تعالى المؤمنين أن يفعلوا ما فعله الذين عذروا بني أبيرق في سرقتهم ما سرقوا ، وخيانتهم ما خانوا واضافتهم ذلك الى غيرهم فهذا اختيار الطبري . وقال السدي : انها نزلت في النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وقد اختصم اليه رجلان غني وفقير ، فكان ضلعه مع الفقير ، لظنه أن الفقير لا يظلم الغني ، فابى الله تعالى إلا القيام بالقسط في أمر الغني والفقير قال : { إن تكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما } وهذا الوجه فيه بعد ، لانه لا يجوز على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في الحكم ان يميل إلى احد الخصمين سواء كان غنياً أو فقيراً فان ذلك ينافي عصمته وقال ابن عباس : أمر الله سبحانه المؤمنين أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم ، او ابنائهم ، ولا يجابوا غنياً لغناه ، ولا مسكيناً لمسكنته وهذا هو الاولى ، لانه أليق بالظاهر من غير عدول عنه . وفي الآية دلاله على جواز شهادة الوالد لولده والولد لوالده ، وكل ذي قرابة لمن يقرب منه ، فقال ابن شهاب : كان سلف المسلمين على ذلك حتى دخل الناس فيما بعدتهم ، وظهرت فيهم امور حملت الولاة على اتهامهم ، فتركت شهادة من يتم إذا كان من اقربائهم وجاز ذلك من الولد والوالد والأخ والزوج والمرأة وبمعنى قول ابن عباس ، قال قتادة ، وابن زيد . وقوله : { فالله أولى بهما } إنما ثنى ، ولم يقل به لانه أراد ( فالله أولى بغناء الغني وفقر الفقير ) لان ذلك منه تعالى وقال قوم : لم يقصد غنياً بعينه ، ولا فقيراً بعينه وهو مجهول وما ذلك حكمه جاز الردّ عليه التوحيد والتثنية والجميع . وفي قراءة ابي { فالله أولى بهم } وقال قوم : ( او ) بمعنى الواو في هذا الموضع ، فلذلك ثنى وقال آخرون : جاز تثنية قوله { بهما } ، لانهما قد ذكرا ، كما قيل : وله اخ أو أخت فلكل واحد منهما وقيل جاز ذلك ، لانه أضمر فيه ( من ) كانه قال : وله أخ او اخت إن يكون من خاصم غنياً او فقيراً ، بمعنى غنيين أو فقيرين { فالله أولى بهما } . وقوله : { فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا } يحتمل ثلاثة اوجه : احدها - لا تتبعوا الهوى في ان تعدلوا عن الحق ، فتجوروا بترك إقامة الشهادة بالحق . والثاني - ان يكون التقدير لا تتبعوا اهوآء أنفسكم هرباً من ان تعدلوا في إقامة الشهادة . والثالث - فلا تتبعوا الهوى ، لتعدلوا ، كما يقال : لا تتبع هواك لترضي ربك ، بمعنى انهاك عنه كيما ترضى ربك بتركه . ذكره الفراء والزجاج . وقوله : { وإن تلووا أو تعرضوا } اختلفوا في تأويله فقال قوم : معناه وان تلووأ ايها الحكام في الحكم لاحد الخصمين على الاخر ، أو تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيراً وحملوا الاية على انها نزلت في الحكام ذهب اليه السدي على ما قال : إنها نزلت في النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وروي عن ابن عباس أنه قال : هما الرجلان يجلسان بين يدي القاضي ، فيكون لي القاضي واعراضه لاحدهما على الاخر وقال اخرون : معناه وان تلووا ايها الشهداء في شهادتكم ، فتحرفوها ، فلا تقيموها أو تعرضوا عنها ، فتتركوها ذهب اليه ابن عباس ومجاهد وقال مجاهد : معنى تلووا تبدلوا الشهادة أو تعرضوا أي تكتموها وهو قول ابي جعفر ( ع ) وبه قال ابن زيد والضحاك وأولى التأويلين قول من قال : إنه لي الشهادة لمن شهد له أو عليه بان يحرفها بلسانه أو يتركها ، فلا يقيمها ، ليبطل بذلك شهادته وأعراضه عنها فلو ترك اقامتها فلا يشهد بها . وسياق الآية يدل على ما قال ابن عباس وقوله : { فإن الله كان بما تعملون خبيراً } معناه انه كان عالماً بما يكون منهم من اقامة الشهادة ، وتحريفها والاعراض عنها ، واللي هو المطل لما يجب من الحق قال الاعشى :