Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 153-153)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا خطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) يسألك يا محمد اهل الكتاب يعني اليهود أن تنزل عليهم كتاباً من السماء ، واختلفوا في الكتاب الذي سأل اليهود محمد ( صلى الله عليه وسلم ) أن ينزل عليهم من السماء فقال قوم : سألوا ان ينزل كتابا من السماء مكتوبا ، كما جاء موسى بني اسرائيل بالتوراة مكتوبة من عند الله في الألواح . ذهب اليه السدي ومحمد بن كعب القرطي ، فانزل الله فيهم هذه الآية إلى قوله : { على مريم بهتاناً عظيماً } وقال اخرون : بل سألوه أن ينزل عليهم كتابا خاصا لهم ذهب اليه قتادة . وقال آخرون : بل يسألون أن ينزل على رجال منهم بأعيانهم كتبا بالامر بتصديقه ، واتباعه ذكر ذلك ابن جريج ، واختاره الطبري وقال الزجاج : ذلك حين سألوا فقالوا : { لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه } وقال الجبائي : كان سؤالهم على وجه التعنت والافكان فيما أنزله الله من القران دلالة واضحة على نبوته . وقوله : { فقد سألوا موسى أكبر من ذلك } فانه توبيخ من الله تعالى ، سئل انزال الكتاب عليهم ، وتفريع منه لهم بقوله لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) : يا محمد لا يعظمن عليك مسألتهم ، إياك ذلك فانهم من جهلهم بالله عز وجل وجرأتهم عليه ، واغترارهم بحلمه ، لو أنزلت عليهم الكتاب الذي سألوه لخالفوا امر الله ، كما خالفوا بعد أحياء الله اوائلهم من صعقتهم ، فعبدوا العجل ، واتخذوه آلهاً فعبدوه من دون خالقهم وبارئهم الذي أراهم قدرته ، وعظمته وسلطانه بما أراهم ، ثم قص من قصتهم وقصة موسى ما قص ، فقال : { فقد سألوا موسى أكبر من ذلك } يعني سأل اسلاف هؤلاء اليهود موسى ( ع ) اعظم مما سألوك فقالوا أرنا الله جهرة أي عيانا نعاينه وننظر اليه . وقد بينا معنى الجهرة فيما مضى . وحكي عن ابن عباس أنه قال : فيه تقديم وتأخير ، وتقديره إنما قالوا جهرة أرنا الله : وهو الذي اختاره أبو عبيدة . وقال غيره : أراد رؤية بالبصر ظاهرة منكشفة ، لان من علم الله فقد رآه . وهواختيار الزجاج لقوله تعالى : { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } وقول ابن عباس يدل على انه كان يذهب إلى استحالة الرؤية عليه تعالى ، لان على تأويله بنفس سؤال الرؤيه ، اخذتهم الصاعقة دون رؤية مخصوصة على ما يذهب اليه من قال بالرؤية . وقوله : { فأخذتهم الصاعقة بظلمهم } يعني فصعقوا بظلمهم انفسهم عن سؤالهم موسى أن يريهم الله ، لان ذلك مما هو مستحيل عليه ( تعالى ) وفي ذلك دلالة واضحة على استحالة الرؤية عليه ( تعالى ) واستعظام لتجويزها ، لانهم كانوا يكفرون به ويجحدونه ولم ينزل عليهم الصاعقة ، فلما سألوا الرؤية أنزلها عليهم . وفي ذلك دلالة على أن اصل كل تشبيه تجويز الرؤية عليه تعالي على قوله ابي على . وقد بينا معنى الصاعقة فيما مضى ، فلا نطول باعادته . وقوله : { ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات } معناه ، ثم اتخذ هؤلاء الذين سألوا موسى ما سألوا من رؤية الله بعد ما احياهم وبعثهم من صعقتهم - العجل الذي كان السامري أضلهم به . وقد بينا فيما مضى السبب الذي من اجله اتخذوا العجل ، وكيف كان أمرهم . وقوله : { من بعد ما جاءتهم البينات } معناه من بعد ما جاءت هؤلاء الذين سألوا موسى البينات من الله ، ومن الدلالات الواضحات بان الرؤية مستحيلة عليه ، ومنها اصعاق الله اياهم عند مسألتهم موسى يريدون ان يريهم ربهم جهرة ، ثم احياؤه اياهم بعد مماتهم مع غيره من الآيات التي أراهم الله دلالة على ذلك ، فقال الله مقبحاً فعلهم ، وموضحاً عن جهلهم ونقص عقولهم باقرارهم للعجل بانه الههم ، وهم يرونه عياناً ، وينظرون اليه ، فعكفوا على عبادته مصدقين بالآهيته ثم قال تعالى : { فعفونا عن ذلك } ومعناه عفونا للذين عبدوا العجل عن عبادتهم بعد ان اراهم الله آية على أنهم لا يرون ربهم . وقوله : { وآتينا موسى سلطاناً مبيناً } معناه اعطينا موسى حجة ظاهرة تبين عن صدقه وحقيقة نبوته ، وتلك الحجة هي الآيات التي اتاه الله اياها .