Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 155-156)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

[ المعنى ] : المعني في قوله : { بما نقضهم } قولان : احدهما - قال الفراء والزجاج وغيرهما : " إن ( ما ) زائدة " . وتقديره فبنقضهم . والثاني - انها بمعنى شيء . وتقديره فبشيء ونقضهم . بدل منه ومجرور به . مثله قوله : { مثلاً ما بعوضة } وفيه القولان . والتقدير فبنقض هؤلاء الذين وصفهم من اهل الكتاب وميثاقهم يعني عهودهم التي عاهدوا الله عليها أن يعملوا بما في التوراة { وكفرهم بآيات الله } يعني جحودهم بايات الله . وهي اعلامه ، وادلته التي احتج بها عليهم في صدق انبيائه ، ورسله { وقتلهم الأنبياء بغير حق } يعني وقتلهم الانبياء بعد قيام الحجة عليهم بصدقهم بغير حق يعني بغير استحقاق منهم ، لكبيرة أتوها ولا خطيئة استوجبوا بها القتل . وقتل الانبياء ، وان كان لا يكون إلا بغير حق ، فانما اكده بقوله : { بغير حق } ومعناه ما قدمنا القول فيه أنه لا يكون ذلك إلا بغير حق ، كما قال : { ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به } والمعنى إن هذا لا يكون عليه برهان . ومثله قول الشاعر : @ على لا حب لا يهتدى بمناره @@ وانما اراد لا منارها هناك يهتدى به . وقد استوفينا ما في ذلك فيما مضى { وقولهم قلوبنا غلف } تقديره يقولون : قلوبنا عليها غشاوة وأغطية لا نفقه ما تقول ، ولا نعلق له ، فاكذبهم الله في ذلك وقال الفراء والزجاج : معناه قلوبنا أوعية للعلم لا نفقة ما تقول . وقد بينا معنى الغلف فيما مضى . قوله : { بل طبع الله عليها بكفرهم } والمعنى كذبوا في قولهم قلوبنا غلف ما هي بغلف ، ولا عليها اغطية ، بل طبع الله عليها بكفرهم . وقد بينا معنى الطبع فيما مضى . وهو أنه السمة والعلامة وسم الله تعالى وعلّم على قلوب قوم من الكفار الذين علم من حالهم أنهم لا يؤمنون فيما بعد ، وجعل ذلك عقوبة لهم على كفرهم الذي ارتكبوه في الحال تعرفه الملائكة . وقوله : { فلا يؤمنون إلا قليلاً } معناه فلا يصدقون الا تصديقا قليلا . وإنما وصفه بالقلة لانهم لم يصدقوا على ما أمرهم الله به لكن صدقوا ببعض الانبياء ، وبعض الكتب وكذبوا بالبعض ، فكان تصديقهم بما صدقوا به قليلا ، لانهم ، وان صدقوا به من وجه ، فهم يكذبون به من وجه آخر . ويجوز أن يكون الاستثناء من الذين نفى الله عنهم الايمان فكانه علم انه يؤمن منهم جماعة قليلة فيما بعد ، فاستثناهم من جملة من اخبر عنهم انهم لا يؤمنون . وبهذه الجملة قال جماعة المفسرين : قتادة وغيره . واختلفوا في قوله : { فبما نقضهم } هل هو متصل بما قبله من الكلام او منفصل منه ، فقال قتادة هو منفصل وقال لما ترك القوم أمر الله ، وقتلوا رسله وكذبوا بآياته ونقضوا ميثاقه طبع الله على قلوبهم بكفرهم ، ولعنهم وقال قوم : بل هو متصل بما قبله . قالوا : معناه فاخذتهم الصاعقة بظلمهم بنقضهم ميثاقهم ، وبكفرهم بايات الله ، وبقتلهم الأنبياء بغير حق ، وبكذا وكذا أخذتهم الصاعقة ، فتبع الكلام بعضه بعضا . ومعناه مردود على أوله ، وجوابه قوله " فبظلم " من الذين قالوا الزجاج هو بدل من قوله : { فبما نقضهم } واختار الطبري الاول ، وأنه منفصل من معنى ما قبله والمعنى . فيما نقضهم ميثاقهم ، وكفرهم بايات الله وبكذا وكذا لعناهم ، وغضبنا عليهم ، فترك ذكر لعناهم لدلالة قوله : { بل طبع الله عليها بكفرهم } على معنى ذلك من حيث كان من طبع على قلبه ، فقد لعن وسخط عليه قال : وانما قلنا ذلك ، لأن الذين اخذتهم الصاعقة كانوا على عهد موسى ، الذين قتلوا الانبياء ، والذين رموا مريم بالبهتان العظيم ، وقالوا قتلنا عيسى ، كانوا بعد موسى بدهر طويل ، ومعلوم أن الذين اخذتهم الصاعقة لم تأخذهم عقوبة على رميهم مريم بالبهتان ، ولا لقولهم : أنا قتلنا المسيح فبان بذلك أن الذين قالوا هذه المقالة غير الذين عوقبوا بالصاعقة . وقوله : { وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً } معناه وبكفر هؤلاء الذين وصفهم ، وقولهم على مريم بهتاناً يعني رميهم لها بالزنا ، وهو البهتان وبفريتهم عليها ، لانهم رموها وهي بريئة بغير بينة ولا برهان به بل هتوها بباطل القول . وهو قول ابن عباس والسدي والضحاك .