Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 162-162)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
استثنى الله تعالى من اليهود الذين وصف صفتهم فيما مضى من الآيات في قوله : يسألك أهل الكتاب إلى ها هنا من هداه الله لدينه ، ووفقه لرشده فقال : { لكن الراسخون } وهم الذين رسخوا في العلم وثبتوا فيه . وقد مضى معنى الرسوخ فيما مضى في العلم الذي جاء به الانبياء ، واحكام الله التي ادوها إلى عباده ، والمؤمنون بالله ورسوله منهم يؤمنون بالقرآن الذي أنزله الله اليك يا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وبالكتب التي انزلها على من قبلك من الانبياء ، والرسل ، ولا يسألونك ما يسأل هؤلاء الجهال من انزال كتاب من السماء ، لانهم قد علموا صدق قولك بما قرأوا من الكتب التي انزلها على الانبياء ، ووصفك فيها وأنه يجب عليهم اتباعك ، فلا حاجة بهم إلى ان يسألوك معجزة اخرى ، ولا دلالة غير ما علموا من امرك بالعلم الراسخ في قلوبهم وهو قول قتادة والمفسرين . وقوله : { والمقيمين الصلاة } اختلفوا هل هم الراسخون في العلم أو غيرهم ؟ فقال قوم : هم هم . واختلف هؤلاء في إعرابه ومخالفته لاعراب الراسخين فقال قوم منهم : هو غلط من الكتب وانما هو ، لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون والمقيمون الصلاة ذكر ذلك حماد بن سلمة عن الزبير . قال : قلت لابان بن عثمان بن عفان . ما شانها كتبت لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون والمقيمين الصلاة فقال : قال : إن الكاتب لما كتب لكن الراسخون في العلم منهم إلى قوله : من قبلك قال : ما اكتب ؟ قيل له : اكتب والمقيمين الصلاة . وروى عروة بن الزبير قال : سألت عائشة عن قوله : { والمقيمين الصلاة } ، وعن قوله : { والصابئون } وعن قوله : { إن هذان } فقالت : يا بن اخي هذا عمل الكتاب أخطأوا في الكتابة وفي مصحف ابن مسعود { والمقيمون الصلوة } وقال الفراء أو الزجاج وغيرهما من النحويين : هو من صفة الراسخين ، لكن لما طال ، واعترض بينهما كلام نصب المقيمين على المدح وذلك سائغ في اللغة كما قال في ألايات التي تلوناها ، وفي قوله : { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء } وقال اخرون : هو من صفة الراسخين في العلم ها هنا ، وان كان الراسخون في العلم من المقيمين . قالوا : وموضع { المقيمين } خفض عطفاً على ما في قوله : يؤمنون بما أنزل اليك وما انزل من قبلك ، ويؤمنون بالمقيمين الصلاة . والمعنى يؤمنون باقام الصلاة وقوله : والمؤتون الزكاة . قالوا : عطف على قوله : { والمؤمنون } وقال آخرون المقيمون الصلاة هم الملائكة . واقامتهم للصلاة تسبيحهم ربهم ، واستغفارهم لمن في الارض . ومعنى الكلام والمؤمنون يؤمنون بما انزل اليك وما انزله من قبلك ، وبالملائكة . واختاره الطبري . قال لانه في قراءة أبي كذلك ، وكذلك هو في مصحفه . فلما وافق مصحفه لمصحفنا ذلك على انه ليس بغلط . وقال اخرون : المعنى المؤمنون يؤمنون بما انزل اليك ، وما انزل من قبلك ، ويؤمنون بالمقيمين الصلاة ، وهم الائمة المعصومون ، والمؤتون الزكاة ، كما قال : يؤمن بالله ، ويؤمن للمؤمنين . وانكروا النصب على المدح . قالوا : وانما يجوز ذلك بعد تمام خبره قالوا وخبر الراسخين قوله : { أولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً } فلا يجوز نصب المؤمنين على المدح في وسط الكلام قبل تمام الخبر . واختار الزجاج ذلك . قال : يجوز أن تقول مررت بزيد كريم . بالجر والنصب والرفع : النصب على المدح ، والخفض على الصفة ، والرفع على تقدير هو الكريم . وانشد في النصب على المدح بيت خرنق : @ لا يبعدن قومي الذين هم سم العداة وافة الجزر النازلين بكل معترك والطيبون معاقد الازر @@ على معنى اذكر النازلين وهم الطيبون . ولو نصب لكان جائزاً . وقال قوم المعنى لكن الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين الصلاة قالوا فموضعه خفض . وقال : قوم : المعنى يؤمنون بما أنزل . اليك وإلى المقيمين الصلاة وهذان الوجهان الأخيران ضعيفان عند النحويين ، لانه لا يكاد يعطف ظاهر على مكنى . قوله : { أولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً } إشارة الى هؤلاء الذين وصفهم الله فاخبر أنه سيعطينهم أجراً أي ثواباً ، وجزآء على ما كان منهم من طاعة الله واتباع أمره من الخلود في الجنة . وقيل من جملة الراسخين : عبد الله بن سلام وابن يامين وابن صوريا ، واسد وثعلبة ، وسلام وغيرهم من علماء اليهود الذين آمنوا بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) .