Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 32-32)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة : قرأ ابن كثير ، والكسائي " وسلوا " بغير همزة ، وكذلك كلما كان أمر للمواجه في جميع القرآن ، الباقون بالهمزة ، ولم يختلفوا في : { وليسألوا ما أنفقوا } لأنه أمر لغائب . قال أبو علي الفارسي . كلاهما جيد ، إن ترك الهمزة واثباتها . النزول : وقيل في سبب نزول هذه الآية أن أم سلمة قالت : ( يا رسول الله لا نغزو مع الرجال ، ولنا نصف الميراث ، يا ليت كنا رجالا ، فكنا نقاتل معهم ) فنزلت هذه الآية ، في قول مجاهد . وقال الزجاج : قال الرجال : ليتنا كنا فضلنا في الآخرة على النساء ، كما فضلنا عليهن في الدنيا ، وبه قال السدي . اللغة : والتمني هو قول القائل : ليت كان كذا لما لم يكن ، وليت لم يكن كذا لما كان . وفي الناس من قال : هو معنى في القلب . وقال الرماني : هو ما يجب على جهة الاستمتاع به ، ومن قال : هو معنى في القلب قال : ليس هو من قبيل الشهوة ، ولا من قبيل الارادة ، لأن الارادة لا تتعلق إلا بما يصح حدوثه ، والتمني قد يتعلق بما مضى ، والشهوة أيضاً كالارادة في أنها لا تتعلق بما مضى . المعنى : وظاهر الخطاب يقتضي تحريم تمني ما فضل الله به بعضنا على بعض وقال الفراء : هو على جهة الندب والاستحباب ، والاول هو حقيقة التمني ، والذي قلناه هو قول أكثر المفسرين ، ووجه تحريم ذلك أنه يدعو الى الحسد ، وأيضاً فهو من دنايا الاخلاق ، وأيضاً فان تمني الانسان لحال غيره قد يؤدي الى تسخط ما قسم الله له ، ولا يجوز لأحد أن يقول ليت مال فلان لي ، وإنما يحسن أن يقول : ليت مثله لي . وقال البلخي : لا يجوز للرجل أن يتمنى أن كان امرأة ، ولا للمرأة أن تتمنى لو كانت رجلا ، بخلاف ما فعل الله ، لأن الله لا يفعل من الأشياء إلا ما هو أصلح ، فيكون قد تمنى ما ليس بأصلح ، أو ما يكون مفسدة . ويمكن أن يقال : إن ذلك يحسن بشرط أن لا يكون مفسدة ، كما يقول في حسن السؤال سواء . وقوله : { وللرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن } قيل في معناه أقوال : أحدها - أن لكل واحد حظاً من الثواب على حسب ما كلفه الله من الطاعات بحسن تدبيره ، فمتى فعل ذلك استحق به علوّ المنزلة ، فلا تتمنوا خلاف هذا التدبير ، لما فيه من حرمان الحظ الجزيل . الثاني - أن كل أحد إنما له جزاء ما اكتسب ، فلا يضيعه بتمني ما لغيره ، مما يؤدي إلى إبطال عمله ، فكأنه قيل : لا تضيع ما هو لك ، بتمني ما لغيرك . والثالث - أن لكل فريق من الرجال والنساء نصيباً مما اكتسب من نعيم الدنيا ، بالتجارات والزراعات وغير ذلك من أنواع المكاسب ، فينبغي أن يقنع ويرضى بما قسم له . وروي عن ابن عباس أنه قال : ذلك في الميراث ، للرجال نصيب منه ، وللنساء نصيب منه . والأجوبة الأولى أقرب ، لأن الميراث ليس مما يكتسبه الرجال والنساء ، وإنما هو شيء يورثهم الله تعالى ، والآية تضمنت أن لهم نصيباً مما اكتسبوا ، وذلك لا يليق إلا بما تقدم . وقوله : { واسألوا الله من فضله } معناه : إن احتجتم إلى ما لغيركم ، فاسألوا الله أن يعطيكم مثل ذلك من فضله ، بشرط أن لا يكون فيه مفسدة لكم ولا لغيركم ، لأن المسألة لا تحسن إلا كذلك ، وقال سعيد بن جبير : واسألوا الله العبادة ، وبه قال السدي ، ، ومجاهد . وقوله : { إن الله كان بكل شيء عليماً } معناه : إنه قسم الأرزاق على ما علمه من الصلاح للعباد ، بدلا من الفساد ، فينبغي أن ترضوا بما قسمه ، وتسألوه من فضله ، غير منافسين لغيركم في عطيته .