Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 60-60)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى واللغة : عجب الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) في هذه الآية ممن يزعم أنه آمن بما أنزل على محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، وما أنزل من قبله بأن قال ألم ينته علمك إلى هؤلاء الذين ذكرنا وصفهم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمرهم الله أن يكفروا به . وقال الحسن ، والجبائي : نزلت الآية في قوم منافقين احتكموا إلى الأوثان بضرب القداح . وقد بينا معنى الطاغوت فيما تقدم . وقيل في معناه ها هنا قولان : أحدهما - أنه كاهن تحاكم إليه رجل من المنافقين ، ورجل من اليهود هذا قول الشعبي ، وقتادة . وقال السدي اسمه أبو بردة . الثاني - قال ابن عباس ، ومجاهد ، والربيع ، والضحاك : إنه كعب ابن الاشرف رجل من اليهود ، فاختار المنافق التحاكم إلى الطاغوت ، وهو رجل يهودي . وقيل : كعب بن الاشراف ، لأنه يقبل الرشوة ، واختار اليهودي التحاكم إلى محمد نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) لأنه لا يقبل الرشوة . ومعنى الطاغوت ذو الطغيان - على جهة المبالغة في الصفة - فكل من يعبد من دون الله فهو طاغوت ، وقد تسمى به الأوثان كما تسمى بأنها رجس من عمل الشيطان ، ويوصف به كل من طغى ، بأن حكم بخلاف حكم الله تعالى غير راض بحكمه تعالى . وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ( ع ) أن الآية في كل من يتحاكم إلى من يحكم بخلاف الحق ، و ( زعم ) ، يحتاج إلى اسم ، وخبر ، { وإنهم } في الآية نائب عن الاسم ، والخبر ، لأنها على معنى الجملة ، ومخرج المفرد ، وليس بمنزلة ظننت ذلك ، لأنه على معنى المفرد ومخرج المفرد ، لأن قولك : زعمت أنه قائم يفيد ما يفيد هو قائم ، وكذلك ظننت ذاك ، لأنه يدل دلالة الاشارة إلى ما تقدر علمه عند المخاطب . وقوله : { ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً } يدل على بطلان قول المجبرة : إن الله تعالى يفعل المعاصي ويريدها ، لأن الله تعالى نسب إضلالهم إلى أنه بارادة الشيطان على وجه الذم لهم ، فلو أراد تعالى أن يضلهم بخلق الضلال فيهم ، لكان ذلك أوكد وجوه الذم في إضلالهم . وأصل الضلال الهلاك بالعدول عن الطريق المؤدي إلى البغية ، لأنه ضد الهدى الذي هو الدلالة على الطريق المؤدي إلى البغية ، وله تصرف كثير يرجع إلى هذه النكتة ذكرناه فيما مضى . وأضله الله معناه : سماه الله ضالا أو حكم عليه به ، كما يقال أكفره بمعنى سماه بالكفر ، ولا يجوز أن يقال أكفره الله بمعنى أنه دعاه إلى الكفر ، لأنه منزه عن ذلك ، فتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .