Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 65-65)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قيل في معنى دخول ( لا ) في أول الكلام قولان : أحدهما - أنها رد لكلام . كأنه قيل لا الامر كما يزعمون من الايمان وهم على تلك الحال من الخلاف ، ثم استؤنف قوله : { وربك لا يؤمنون حتى … } . الثاني - انها توطئة للنفي الذي يأتي فيما بعد ، لأنه إذا ذكر في أول الكلام وآخره كان أوكد وأحسن ، لأن النفي له صدر الكلام . وقد اقتضى القسم أن يذكر في الجواب . النزول : وقيل في سبب نزول هذه الآية قولان : أحدهما - أنها نزلت في الزبير ورجل من الانصار تخاصما إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في سراح من الحرة كانا يسقيان منه نخلا لهما ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " اسق يا زبير ثم ارسل إلى جارك " ، فغضب الانصاري ، وقال : يا رسول الله ان كان ابن عمتك ؟ ! فتلون وجه رسول الله حتى عرف ان قد ساءه ، ثم قال " يا زبير احبس الماء إلى الجدد أو إلى الكعبين ، ثم خل سبيل الماء " ، فنزلت الآية . وقال أبو جعفر ( ع ) كانت الخصوصة بين الزبير ، وحاطب بن أبي بلتعة روي ذلك عن الزبير وأم سلمة . وذهب إليه عمر بن شبه ، والواقدي . وقال قوم وهو اختيار الطبري : إنها نزلت في المنافق واليهودي اللذين احتكما إلى الطاغوت . قال : لأن سياق الكلام بهذا أشبه . اللغة والمعنى : وقوله : { فيما شجر بينهم } معناه فيما وقع بينهم من الاختلاف . تقول شجر يشجر شجراً وشجوراً وشاجره في الأمر : إذا نازعه فيه مشاجرة ، وشجاراً وتشاجروا فيه : تشاحوا . وكل ذلك لتداخل كلام بعضهم في بعض كتداخل الشجر بالتفافه . وفي الآية دلالة على فساد مذهب المجبرة ، لأنه إذا وجب الرضى بفعل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فالرضا بفعل الله تعالى أولى ، ولو كان خلق الكفر والمعاصي لوجب على الخلق الرضا به . وذلك خلاف الاجماع . وقيل في معنى الحرج قولان : أحدهما - قال مجاهد هو الشك . وقال الضحاك : الاثم . وأصل الحرج الضيق فكأنه قال ضيق شك أو اثم وكلاهما يضيق الصدر . ومعنى الآية أن هؤلاء المنافقين لا يؤمنون حتى يحكموا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فيما وقع بينهم من الاختلاف ، ثم لا يجدوا حرجاً مما قضى به أي لا تضيق صدورهم به ، ويسلموا لما يحكم به لا يعارضونه بشيء فحينئذ يكونون مؤمنين . و { تسليماً } مصدر مؤكد والمصادر المؤكدة بمنزلة ذكرك للفعل ثانياً كأنك قلت : سلمت تسليماً ومن حق التوكيد أن يكون محققاً لما تذكره في صدر كلامك ، فاذا قلت : ضربت ضرباً ، فمعناه أحدثت ضرباً احقه حقاً ولا أشك فيه . ومثله في الآية انهم يسلمون من غير شك يدخلهم فيه . وقال أبو جعفر ( ع ) : لما حكم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) للزبير على خصمه ، لوى شدقه وقال لمن سأله عمن حكم له ، فقال : لمن يقضي ؟ لابن عمته . فتعجب اليهودي وقال : إنا آمنا بموسى فأذنبنا ذنباً فأمرنا الله تعالى بأن نقتل أنفسنا ، فقتلناها فأجلت عن سبعين ألف قتيل . وهؤلاء يقرون بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ويطؤون عقبه ولا يرضون بقضيته ، فقال ثابت بن الشماس لو أمرني الله أن أقتل نفسي لقتلتها فأنزل الله { ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم … } إلى قوله : { إلا قليل منهم } يعني ابن الشماس ذكره السدي .