Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 69-70)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى واللغة والنزول : لما جرى ذكر الطاعة فيما تقدم والحض عليها اقتضى ذكر طاعة الله ، وطاعة الرسول ، والوعد عليها . وقيل : إنه وعد بامر مخصوص على الطاعة من مرافقة النبيين ومن ذكر معهم وهو أعم فائدة . ومعنى قوله : { فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين } انه يستمتع برؤية النبيين وزيارتهم ، والحضور معهم . فلا ينبغي أن يتوهم من أجل أنهم في أعلى عليين انه لا يراهم . وقال الحسن ، وسعيد بن جبير ، ومسروق ، وقتادة ، والربيع ، والسدي ، وعامر : إن سبب نزول هذه الآية ان بعض الناس توهم ذلك ، فحزن له ، وسأل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن ذلك ، فانزل الله الآية . وقيل في معنى الصدّيق قولان : أحدهما - المداوم على ما يوجبه التصديق بالحق . الثاني - ان الصديق هو المتصدق بما يخلص له من عمل البر . والاول أظهر . والشهداء جمع شهيد . وهو المقتول في سبيل الله . وفي تسميته شهيداً قولان : أحدهما - لأنه قام بشهادة الحق حتى قتل في سبيل الله . والآخر - انه من شهداء الآخرة بما ختم له من القتل في سبيل الله . وليست الشهادة هي القتل ، لأنها معصية ، ولكنها حال المقتول في اخلاص القيام بالحق لله مقراً به ، وداعياً إليه . وقيل : الشهادة هي الصبر على ما أمره الله به من قتال عدوه والانقياد له . فأما الصبر على الألم بترك الأنين فليس بممنوع ، بل هو مباح إذا لم يقل ما يكرهه الله . وقال الجبائي : الشهداء جمع شهيد . وهم الذين جعلهم الله شهداء في الآخرة . فهم عدول الآخرة . وهذا على مذهبه بعيد ، لأن أهل الجنة كلهم عدول عنده ، لأن من ليس بعدل لا يدخل الجنة . والله تعالى وعد من يطيعه ويطيع رسوله بأنه يحشره مع هؤلاء . فينبغي أن يكونوا غير الموعود لهم . وإلا يصير تقديره إنهم مع نفوسهم . والصالح : من استقامت نفسه بحسن عمله . والمصلح المقوم لعمل يحسنه . ويقال : الله يصلح في تدبير عباده . بمعنى أنه يحسن تدبير عباده . ولا يوصف بانه صالح . الاعراب وقوله : { وحسن أولئك رفيقاً } نصب على التمييز . ولذلك لا يجمع . وهو في موضع رفقاء وقيل إنه لم يجمع ، لأن المعنى ، حسن كل واحد منهم رفيقاً كما قال : { يخرجكم طفلاً } وقال الشاعر : @ نصبن الهوى ثم ارتمين قلوبنا باسهم أعداء وهن صديق @@ ومن قال : { رفيقاً } نصب على التمييز ، قال : لأنه قد سمع حسن أولئك من رفقاء ، وكرم زيد من رجل . وقال قوم : هو نصب على الحال ، فانه قد تدخل ( من ) في مثله . فاذا سقطت ( من ) فالحال هو الاختيار ، لأنه من أسماء الصفات كأسماء الاجناس . ويكون التوحيد لما دخله من معنى حسن كل واحد منهم مرافقاً . ونظيره : لله درهم فارساً ، أي حال الفروسية . اللغة : والرفيق : مشتق من الرفق في العمل . وهو الارتفاق فيه . ومنه الترفق في السير ، ونحوه . ومنه المرافقة . والمرفق من اليد - بكسر الميم - لأنه يرتفق به . ويقال أيضاً في العمل نحو قوله : { ويهيئ لكم من أمركم مرفقاً } أي رفقاً يصلح به أمركم . والمرفق : - بفتح الميم - من مرافق الدار . والرفقة : الجماعة في السفر ، لارتفاق بعضهم ببعض . وقوله : { ذلك الفضل } اشارة إلى الثواب بالكون مع النبيين ، والصديقين . والتقدير ذلك هو الفضل من الله . وهو وإن كان مستحقاً ، فلم يخرج من أن يكون تفضلا ، لأن سببه الذي هو التكليف ، تفضل . والفضل : هو الزائد على المقدار إلا أنه قد كثر على ما زاد من الانتفاع . وكل ما يفعله تعالى فهو فضل ، وتفضل ، وافضال ، لأنه زائد على مقدار الاستحقاق الذي يجري على طريق المساواة . وقوله : { وكفى بالله عليماً } انما ذكر ، ليعلم انه لا يضيع عنده شيء من جزاء الاعمال . من حيث كان تعالى : عالماً به ، وبما يستحق عليه . وتقديره ، وكفى بالله عليما بكنه الجزاء على حقه ، وتوفير الحظ فيه . ودخلت الباء في اسم الله زائدة للتوكيد . والمعنى كفى الله . ووجه التأكيد أن اتصال الاسم بالفعل من جهة بنائه عليه وجه من وجوه الاتصال واتصاله بالباء وجه آخر من وجوه الاتصال ، فاذا اجتمعا كان أوكد . ووجه آخر هو أن معناه اكتفى العباد بالله . ووجه ثالث وهو أنه توطئة لباب سير بزيد وأكرم بزيد من جهة أن موضعه رفع ، وفيه حرف من حروف الجر . والكفاية مقدار مقاوم للحاجة . ولا يخلو المقدار من أن يكون فاضلا أو مقصراً أو كافياً ، فهذه الأقسام الثلاثة متقابلة .