Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 73-73)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعني بهذه الآية المنافقون الذين وصفهم الله بانهم يفرحون بتأخرهم عن المؤمنين إذا اصيبوا ، وانهزموا . فاخبر عنهم انه إذا أصاب المؤمنين فضل من الله بان يظفروا أو يقهروا العدو ، بانهم يتمنون الكون معهم ، فيفوزوا فوزاً عظيماً . وانما ذمهم الله بهذا التمني لأحد أمرين : أحدهما - لانهم قالوه على وجه ايثار الغنيمة لا على حال المثوبة من جهة الله لشكهم في الجزاء من الله . الثاني - قال قتادة وابن جريج انهم قالوا : ذلك على جهة الحسد للمؤمنين . والاصابة . ملامسة المرمي لما وقعت به الرمية . فاذا قيل : أصاب - مطلقاً - فمعناه أصاب الغرض . ويجوز أن ينفى فيقال : لم يصب . يعني الغرض ، وان أصاب غيره . وقوله : { كأن لم تكن بينكم وبينه مودة } قيل فيه ثلاثة أقوال : أحدها - انه اعتراض بين القول ، والتمني ، ولا يكون له موضع من الاعراب . وتقديره ليقولن : يا ليتني كنت معهم ، فأفوز فوزاً عظيماً . كأن لم يكن بينكم وبينه مودة . الثاني - أن يكون اعتراضاً وموضعه التقديم . وتقديره فان أصابتكم مصيبة ، قال قد أنعم الله عليّ إذ لم أكن معهم شهيداً كأن لم يكن بينكم ، وبينه مودة . واختار هذا الوجه أبو علي النحوي . الثالث - أن يكون في موضعه على موضع الحال . كما تقول : مررت بزيد كأن لم يكن بينك وبينه معرفة فضلا عن مودة . والزجاج أجاز الوجوه الثلاثة . المعنى : وفي معنى الآية قولان : أحدهما - قال الجبائي : المعنى ليقولن لهؤلاء الذين أقعدهم عن الجهاد ، كأن لم يكن بينكم وبينه أي وبين محمد ( صلى الله عليه وسلم ) مودة ، فيخرجكم لتأخذوا من الغنيمة ، ليبغضوا إليهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . الثاني - انه يقول قول الممنوع بالعداوة . وانما أنى من جهله بتلك الحال . وهو الاظهر . والمعنى كأنه لم يعاقدكم على الايمان ولم يظهر لكم مودة على حال يخاطبون بذلك من اقعدوه عن الخروج ، ثم يقول من قبل نفسه : يا ليتني كنت معهم . وقال الحسين بن علي المغربي : المعنى ليس يتمنون الكون معهم في الخبر ، والشر ، كأهل المودات ، وانما يتمنون ذلك عند الغنيمة كالبعداء يذمهم بسوء العهد مع سوء الدين . وانما نصب جواب التمني بالفاء ، لأنه مصروف عن العطف محمول على تأويل المصدر . وتقديره يا ليتني كان لي حضور ، معهم ففوز . ولو كان على العطف ، لكان يا ليتني كنت معهم ففزت . وقرأ أبو جعفر المدني ، وحفص ، ورويس ، والبرجمي : { كأن لم تكن } - بالتاء - لأن لفظة المودة مؤنثة . ومن قرأ بالياء ، فلان التأنيث ليس بحقيقي ، ومع ذلك قد وقع فصل بين الفعل ، والفاعل .