Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 79-79)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : قال الزجاج : هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم . والمراد به الامة . كما قال { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } فان المراد به الامة . وقال قوم : المخاطب به الانسان ، كأنه قال : ما أصابك أيها الانسان - في قول قتادة ، والجبائي - . وقيل في معنى الحسنة والسيئة ها هنا قولان : أحدهما - قال ابن عباس ، والحسن : الحسنة ما أصابه يوم بدر من الظفر ، والغنيمة . والسيئة ما أصابه يوم أحد من كسر رباعيته ( صلى الله عليه وسلم ) ، والهزيمة . وقال الجبائي : معناهما النعمة ، والمصيبة . ويدخل في النعمة نعمة الدنيا ، والدين . وفي المصيبة مصائب الدنيا ، والدين إلا أن أحدهما من عمل العبد للطاعة ، وما جر إليه ذلك العمل . والآخر - من عمل العبد للمعصية وما جرّ إليه عمله لها . وهذا يوافق الأول الذي حكيناه عمن تقدم . والثاني - ان الحسنة ، والسيئة : الطاعة ، والمعصية - ذكره أبو العالية ، وأبو القاسم - ويكون المعنى ان الحسنة التي هي الطاعة باقدار الله ، وترغيبه فيها ، ولطفه لها . والسيئة بخذلانه على وجه العقوبة له على المعاصي المقدمة . وسماه سيئة كما قال : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } والتقدير ما أصابك من ثواب حسنة فمن الله ، لأنه الذي عرضك للثواب ، وأعانك عليها . وما أصابك من عقاب سيئة فمن نفسك ، لأنه تعالى نهاك عنها ، وزجرك عن فعلها . فلما ارتكبتها كنت الجاني على نفسك . وانما احتاج إلى التقدير ، لأن ما أصابك ليس هو ما أصبته . ويجوز أن يكون المراد بالسيئة ما يصيبهم في دار الدنيا من المصائب ، لأنه لا يجوز أن يكون ذلك عقابا أو بعض ما يستحقونه . وقوله : { فمن نفسك } معناه فبذنبك في قول الحسن ، وقتادة ، والسدي ، وابن جريج ، والضحاك . قال البلخي : مصيبة هي كفارة ذنب صغير ، أو عقوبة ذنب كبير . ويحتمل أن يكون المراد أو تأديب وقع لأجل تفريط . فان قيل : كيف عاب قول المنافقين في الآية الاولى ، لما قالوا إذا أصابتهم حسنة انها من عند الله ، وإذا أصابتهم سيئة ، قالوا هذه من عندك . وقد اثبت مثله في هذه الآية ؟ قلنا عنه جوابان : أحدهما - ان ذلك على وجه الحكاية . والتقدير يقولون : ما أصابك من حسنة ، فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك . ويكون ( يقولون ) محذوفا ، لدلالة سياق الكلام عليه . الثاني - ان معناهما مختلف ، فالاول عند أكثر أهل العلم ان المراد به النعمة ، والمصيبة من الله تعالى . وفي الآية الثانية المراد به الطاعة ، والمعصية . فلما اختلف معناهما ، لم يتناقضا . ويكون وجه ذكر هذه الآية عقيب الاولى ألا يظن ظان ان الطاعات والمعاصي من فعل الله ، لما قال في الآية الاولى : { قل كل من عند الله } وفي الآية دلالة على فساد مذهب المجبرة ، لأنه تعالى قال : { فمن نفسك } فاضاف المعصية إلى العبد ونفاها عن نفسه تعالى . ولو كانت من خلقه ، لكانت منه على أوكد الوجوه . ولا ينافي ذلك قوله في الآية الاولى { كل من عند الله } لأنا بينا وجه التأويل فيه . قال الرماني : وفي الآية دلالة على أنه تعالى ، لا يفعل الالم إلا على وجه اللطف ، أو العقاب دون العوض فقط ، لأن المصائب إذا كانت كلها من قبل ذنب العبد ، فهي اما عقوبة ، واما من قبل تأديب المصلحة . وقوله : { وأرسلناك للناس رسولاً } معناه من الحسنة ارسالك يا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ومن السيئة خلافك يا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وكفى بالله شهيداً لك وعليك . والمعنى وكفى الله . وقوله : { ما أصابك من حسنة } معنى " من " هنا للتبيين ولو قال : إن أصابك من حسنة كانت زائدة لا معنى لها . الاعراب والحجة : { ورسولاً } نصب بارسلناك ، وانما ذكره تأكيداً لأن أرسلناك دل على أنه رسول ، " وشهيداً " نصب على التمييز ، لأنك إذا قلت كفى الله ولم تبين في أي شيء الكفاية كنت مبهماً . وقوله : { وما أصابك من سيئة فمن نفسك } دخلت الفاء في الجواب لأن معنى ( ما ) من وادخل من على السيئة ، لأن ما نفي و ( من ) يحسن ان تزاد في النفي مثل ما جاءني من أحد .