Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 78-78)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اللغة والمعنى : أعلمهم الله تعالى في هذه الآية أن الآجال لا تخطئهم ، ولا تنفعهم الخشية من القتل ولو كانوا في بروج مشيدة ، وأينما كانوا من المواضع أدركهم الموت بمعنى أصابهم . " وأينما " كتبت موصولة . وفي قوله : { إن ما توعدون } مفصولة ، لأن الأولى زائدة . والثاني - بمعنى الذي ففصلت هذه كما تفصل الاسماء ، ووصلت تلك كما توصل الحروف . وقيل في معنى البروج ثلاثة أقوال : أحدها - قال مجاهد ، وابن جريج : هي القصور . الثاني - قال السدي ، والربيع : هي قصور في السماء ، باعيانها . وقال الجبائي : هي البيوت التي تكون فوق الحصون . وأصل البروج الظهور . يقال تبرجت المرأة : إذا أظهرت محاسنها . والبرج - في العين - اتساعها لظهورها بالاتساع . والمشيدة : المزينة بالجص . وهو الشيد . قال الجبائي : معناه المجصصة . وقال الزجاج ، وغيره : معناه المطولة في ارتفاع . وقال قوم : المشدد ، والمخفف سواء إلا من جهة تكثير الفعل . وقال آخرون : المشيدة بالتشديد - المطولة . والمشيدة بالتخفيف - المطلية بالجص والنورة . والشيد رفع البناء . تقول شاد بناء يشيده شيداً : إذا رفعه . والشيد : الجص ، لأنه مما يرفع به البناء . ويجوز أشاد الرجل بناءه . فأما بالذكر فتقول أشاد بذكره لا غير : إذا رفع منه . وقوله : { وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك } حكاية عن المنافقين ، وصفة لهم . في قول الحسن ، وأبي علي وأبي القاسم . وقال الزجاج : قيل : هو في صفة اليهود . وبه قال الفراء . وذلك أن اليهود ، لما قدم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) المدينة ، فكانوا إذا زكت ثمارهم ، واخصبوا ، قالوا هذا من عند الله ، فاذا أجدبوا ، وخاست ثمارهم ، قالوا هذا لشؤم محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . وفي معنى الحسنة ، والسيئة ها هنا قولان : قال ابن عباس ، وقتادة ، وأبو العالية : هو السراء والضراء والبؤس . والرخاء ، والنعمة والمصيبة ، والخصب ، والجدب . وقال الحسن ، وابن زيد : هو النصر ، والهزيمة . وقوله : { من عندك } قيل في معناه قولان : أحدهما - قال ابن زيد : معناه بسوء تدبيرك . والثاني - قال الجبائي ، والبلخي ، والزجاج . أي بشؤمك الذي لحقنا كما حكي عن قوم موسى { وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه } فأمر الله تعالى نبيه أن يقول : إن جميع ذلك من عند الله ، ثم قال : { فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً } قال الفراء : ( مال ) كثرت في الكلام حتى توهموا أن اللام متصلة بما ، وانها حرف واحد ، ففصلوا اللام بما خفضت في بعض المواضع ، ووصلوها في بعض المواضع . والاتصال الوجه . والوقف على اللام ، لا يجوز ، لأنها لام الخفض . والمعنى أي شيء لهؤلاء القوم ، لا يفقهون حديثاً ، أي لا يفهمون معناه . تقول : فقه الرجل يفقه فقهاً والاسم الفقيه : وصار بعرف الاستعمال علماً على علم الفقهاء من علوم الدين . وفقه الرجل يفقه فقهاً : إذا صار فقيهاً . وأفقهته : أفهمته والتفقه : تعلم الفقه وتفاقه : إذا تعاطى ليرى انه فقيه . وليس هو كذلك . ومثله تعالم وقيل : معنى الحديث ها هنا القرآن . وقوله : { لا يكادون } معناه لا يقاربون فيه معنى الحديث الذي هو القرآن ، لأنهم بعيدون منه باعراضهم عنه ، وكفرهم به ولا يفهمون ان ما ذكرناه من السراء ، والضراء ، والشدة والرخاء على ما وصفناه .