Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 83-83)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخبر الله تعالى عن المنافقين ، الذين تقدم وصفهم بأنهم إذا جاءهم { أمر من الأمن أو الخوف } وهو ما كان يرجف به من الاخبار في المدينة : اما من قبل عدو يقصدهم أو يظهر المؤمنين على عدوهم ، أو هلاك بعض أعدائهم وهو الامن . والاول : الخوف اذاعوا به ، وتحدثوا به من غير أن يعلموا صحته ، فكره تعالى ذلك ، لأن من فعل هذا لا يخلو كلامه من الكذب . ولما يدخل على المؤمنين به من الخوف ومعنى اذاعوا به : أعلنوه ، وأفشوه في قول ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، وابن حريج وأصله اشاعة الخبر في الجماعة . اللغة : يقال : اذاعه اذاعة واذاعوا به قال الشاعر : @ اذاع به في الناس حتى كأنه بعلياء نار أوقدت بثقوب @@ وأصل الاذاعة التفريق . قال تبع : لما ورد المدينة : @ ولقد شربت على براجم شربة كادت بباقية الحياة تذيع @@ أي تفرق . وبراجم : ماء بالمدينة كان يشرب منه ، فنشبت بحلقه علقة . وذاع الخبر ذيعاً . ورجل مذياع : لا يستطيع كتمان خبر . واذاع الناس بما في الحوض : إذا شربوه . وكذلك اذاعوا بالمتاع : إذا ذهبوا به . واذاعة السر : اظهاره . والاذاعة ، والاشاعة ، والافشاء ، والاعلان ، والاظهار ، نظائر وضده الكتمان ، والاسرار ، والاخفاء . المعنى : ثم قال : { ولو ردوه إلى الرسول } بمعنى لو ردوه إلى سنته { وإلى أولي الأمر منهم } . قال أبو جعفر ( ع ) : هم الأئمة المعصومون . وقال ابن زيد ، والسدي ، وأبو علي : هم امراء السرايا ، والولاة ، وكانوا يسمعون باخبار السرايا ولا يتحققونه فيشيعونه ولا يسألون أولي الامر . وقال الحسن ، وقتادة ، وابن جريج ، وابن أبي نجيح ، والزجاج : هم أهل العلم ، والفقه الملازمين للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، لأنهم لو سألولهم عن حقيقة ما أرجفوا به ، لعلموا به . قال الجبائي : هذا لا يجوز ، لأن أولي الامر من لهم الامرعلى الناس بولاية والاول أقوى ، لأنه تعالى بين أنهم متى ردوه إلى أولي العلم علموه . والرد إلى من ليس بمعصوم ، لا يوجب العلم لجواز الخطأ عليه بلا خلاف سواء كانوا امراء السرايا ، أو العلماء . وقوله : { يستنبطونه } قال ابن عباس ، وأبو العالية : معناه يتحسسونه . وقال الزجاج : يستخرجونه . اللغة والاعراب والمعنى : والاستنباط ، والاستخراج ، والاستدلال ، والاستعلام ، نظائر ، وأصل الاستنباط الاستخراج . يقال لكل ما استخرج حتى تقع عليه رؤية العين ، أو معرفة القلب : قد استنبط . والنبط الماء يخرج من البئر أول ما تحفر . وانبط فلان أي استنبط الماء من طين حر . ومنه اشتقاق النبط ، لاستنباطهم العيون . والضمير في قوله : { منهم } يحتمل أن يعود إلى أحد أمرين : أحدهما - وهو الاظهر انه عائد إلى أولي الامر . والآخر - إلى الفرقة المذكورة من المنافقين ، أو الضعفة . وقوله : { ولولا فضل الله عليكم ورحمته } معناه لولا اتصال مواد الالطاف من جهة الله ، { لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً } وقيل فيما وقع الاستثناء منه : أربعة أقوال : أحدها - { لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً } منكم ، فانه لم يكن يتبع الشيطان . ويكون الفضل ها هنا بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، والقرآن - في قول الضحاك - ، وهو اختيار الجبائي . الثاني - لاتبعتم الشيطان إلا قليلا من الاتباع . ويكون الفضل على جملة اللطف ، لأن ذلك لم يكن يزكو به أحد منهم . الثالث - قال الحسن ، وقتادة . وذكره الفراء ، لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا . الرابع - قال ابن عباس ، وابن زيد : اذاعوا به إلا قليلا هو اختيار الكسائي والفراء والمبرد والبلخي والطبري . وتقديره يستنبطونه منهم إلا قليلا . قال المبرد : لأن العلم بالاستنباط في الناس أقل . وليس كذلك الاذاعة . وغلط الزجاج النحويين في ذلك . وقال : كل هذه الاقوال جائزة . وقال قوم حكاه الطبري : ان مخرجه الاستثناء . وهو دليل الجمع ، والاحاطة . والمعنى انه لولا فضل الله لم ينج أحد من الضلالة . فجعل قوله : { إلا قليلاً } دليلا على الاحاطة كما قال الطرماح يمدح بزيد بن المهلب : @ قليل المثالب والقادحة @@ والمعنى انه لا مثالب .