Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 82-82)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : هذا الآية تدل على أربعة أشياء : أحدها - على بطلان التقليد ، وصحة الاستدلال في اصول الدين ، لأنه حث ودعا إلى التدبر . وذلك لا يكون إلا بالفكر والنظر . والثاني - يدل على فساد مذهب من زعم ان القرآن ، لا يفهم معناه إلا بتفسير الرسول له من الحشوية ، والمجبرة ، لأنه تعالى حث على تدبره ، ليعلموا به . الثالث - يدل على أنه لو كان من عند غير الله ، لكان على قياس كلام العباد من وجود الاختلاف فيه . الرابع - تدل على أن المتناقض من الكلام ليس من فعل الله ، لأنه لو كان من فعله ، لكان من عنده ، لا من عند غيره . اللغة : والتدبر : هو النظر في عواقب الامور . وأصله الدبر . والتدابر : التقاطع ، لأن كل واحد يولي الآخر دبره ، بعداوته له . ودبر القوم يدبرون دباراً : إذا هلكوا ، لأنهم يذهبون في جهة الادبار عن الغرض . وادبر القوم : إذا ولى أمرهم عن الرشد . والدبر : النحل . والدبر : المال الكثير . والتدبير : اصلاح الامر لعاقبة . وفي الحديث " لا تدابروا " أي لا تكونوا أعداء . والفرق بين التدبر والتفكر ان التدبر تصرف القلب بالنظر في العواقب ، والتفكر تصرف للقلب بالنظر في الدلائل . والاختلاف : هو امتناع أحد الشيئين أن يسد مسد الآخر فيما يرجع إلى ذاته كالسواد الذي لا يسد مسد البياض ، وكذلك الذهاب في الجهات المختلفة جهة الخلف ، والقدام واليمين ، والشمال . وقيل في معنى الاختلاف ها هنا ثلاثة أقوال : أحدها - قال أبو علي من جهة بليغ ، ومرذول . وقال الزجاج : الاختلاف في الاخبار بما يسرون . الثالث - قال قتادة ، وابن زيد : اختلاف تناقض من جهة حق ، وباطل . والاختلاف على ثلاثة اضرب : اختلاف تناقض ، واختلاف تفاوت ، واختلاف تلاوة . وليس في القرآن اختلاف تناقض ، ولا اختلاف تفاوت ، لأن اختلاف التفاوت هو في الحسن والقبح ، والخطأ والصواب ، ونحو ذلك مما تدعو إليه الحكمة أو يصرف عنه . وأما اختلاف التلاوة ، فهو ما تلاءم في الحسن ، فكله صواب ، وكله حق . وهو اختلاف وجوه القراءات واختلاف مقادير الآيات والسور واختلاف الاحكام في الناسخ والمنسوخ . ومن اختلاف التناقض ما يدعو فيه أحد الشيئين إلى فساد الآخر . وكلاهما باطل . نحو مقدارين وصف أحدهما بأنه أكبر من الآخر ووصف الآخر بأنه أصغر منه ، فكلاهما باطل إذ هو مساو له . وفي الناس من قال : انتفاء التناقض عن القرآن إنما يعلم انه دلالة على أنه من فعل الله ، لما أخبرنا الله تعالى بذلك . ولولا أنه تعالى أخبر بذلك كان لقائل أن يقول : إنه يمكن أن يتحفظ متحفظ في كلامه ويهذبه تهذيباً ، لا يوجد فيه شيء من التناقض وعلى هذا لا يمكن أن يجعل ذلك جهة اعجاز القرآن قبل أن يعلم صحة السمع ، وصدق النبي ( صلى الله عليه وسلم ) .