Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 8-8)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : هذه الآية عندنا محكمة ، وليست منسوخة ، وهو قول ابن عباس ، وسعيد ابن جبير ، والحسن ، وابراهيم ، ومجاهد ، والشعبي ، والزهري ، ويحيى بن يعمر ، والسدي ، والبلخي ، والجبائي ، والزجاج ، وأكثر المفسرين والفقهاء . وقال سعيد ابن المسيب ، وأبو مالك ، والضحاك ، هي منسوخة ، وإرزاق من حضر قسمة الميراث من هذه الأصناف ، ليس بواجب ، بل هو مندوب إليه ، وهو الذي اختاره الجبائي ، والبلخي ، والرماني ، وجعفر بن مبشر ، وأكثر الفقهاء والمفسرين . وقال مجاهد : هو واجب ، وحق لازم ما طابت به أنفس الورثة . وكل من ذهب إلى أنها منسوخة قال : إن الرزق ليس بواجب ، وكذلك من قال انها في الوصية . واختلفوا فيمن المخاطب بقوله : { فارزقوهم } فقال أكثر المفسرين : إن المخاطب بذلك الورثة ، أمروا بأن يرزقوا المذكورين ، إذا كانوا لاسهم لهم في الميراث ، وقال آخرون إنها تتوجه إلى من حضرته الوفاة ، وأراد الوصية ، فانه ينبغي له أن يوصي لمن لا يرثه من هؤلاء المذكورين ، بشيء من ماله . وروي هذا القول الأخير عن ابن عباس ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، وسعيد ابن المسيب ، واختار الطبري هذا الوجه ، والوجه الاول روي عن ابن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وأبي موسى الاشعرى ، وابن سيرين ، والحسن ، وسعيد بن جبير . قال سعيد بن جبير : إن كان الميت أوصى لهم بشيء أنفذت وصيته ، وإن كان الورثة كباراً أرضخوا لهم ، وإن كانوا صغاراً قال وليهم : إني لست أملك هذا المال ، وليس لي ، إنما هو للصغار ، فذلك قوله : { وقولوا لهم قولاً معروفاً } وبه قال السدي ، وابن عباس . واختلفوا فيمن المامور [ بقول ] المعروف ، فقال سعيد بن جبير : أمر الله أن يقول الولي الذي لا يرث ، للمذكورين قولا معروفا ، ويقول : إن هذا لقوم غيب أو يتامى صغار ، ولكم فيه حق ، ولسنا نملك أن نعطيكم منه . وقال قوم : المأمور بذلك الرجل الذي يوصي في ماله ، والقول المعروف : أن يدعو لهم بالرزق والغنى ، وما أشبه ذلك . وروي عن ابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، وابن زيد : أن الآية في الوصية ، على أن يوصوا للقرابة ، ويقولوا لغيرهم قولا معروفا . ومن قال إنها على الوجوب ، قال : لا يعطي من مال اليتيم شيئاً ، ويقول قولا معروفا ، ذهب إليه ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، والسدي . وروى ابن عُليّة ، عن عبيدة ، أنه ذبح شاة من مال اليتيم ، وقسمه بينهم ، وقال : كنت أحب أن يكون من مالي لولا هذه الآية . وعمل ابن سيرين في مال اليتيم ما عمل عبيدة ، وأقوى الأقوال أن يكون الخطاب متوجهاً إلى الوراث البالغين ، لأن فيه أمراً بالرزق لمن حضر ، ولم يخاطب الله من لا يملك أن يخرج من مال غيره شيئاً ، فكأن الله تعالى حث هؤلاء ، ورغبهم في أن يجعلوا للحاضرين شيئاً مما يحقهم ، ويقولوا لهم قولا معروفا ، فيصير رداً جميلا ، من غير تأفف ، ولا تضجر ، وكذلك لو قلنا إنها متوجهة إلى الموصي ، لكان محمولا على أنه يستحب له أن يوصي لهؤلاء بشيء من ماله ، ما لم يزد على الثلث ، فان لم يختر ذلك قال لهم قولا جميلا ، لا يتألمون منه ، ولا يغتمّون به . وفي الآية حجة على المجبرة ، لأنه تعالى قال : { فارزقوهم } وفيه دلالة على أن الانسان يرزق غيره على معنى التمليك ، وأن الله لا يرزق حراماً ، لأنه لو رزقه لخرج برزقه إياه من أن يكون حراماً ، ومثله قوله : { وهو خير الرازقين } .