Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 94-94)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القراءة ، والحجة : قرأ أهل المدينة ، وابن عباس ، وخلف { السلم } بغير الف . الباقون بالف . وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما فتثبتوا ( بالثاء ) من الثبوت في الموضعين ها هنا وفي الحجرات الباقون { فتبينوا } من التبين . وقرئ من طريق النهرواني لست مؤمناً - بفتح الميم الثانية - الباقون بكسرها وبه قرأ أبو جعفر محمد بن علي ( ع ) على ما حكاه البلخي . فمن قرأ بالثاء من الثبوت . فانما اراد التثبت الذي هو خلاف العجلة . ومن قرأ بالياء والنون ، أراد من التبيين الذي هو النظر ، والكشف عنه حتى يصح . والمعنيان متقاربان ، لأن المثبت متبين ، والمتبين مثبت . ومن قرأ { السلم } بلا الف أراد الاستسلام . ومنه قوله : { وألقوا إلى الله يومئذ السلم } أي استسلموا . وقوله : { ورجلاً سلماً } أي مستسلماً . وروى أبان عن عاصم بكسر السين . والمعنى خلاف الحرب . ومن قرأ بالف ذهب إلى التحية . ويحتمل أن يكون المراد لا تقولوا لمن اعتزلكم وكف عن قتالكم : لست مؤمناً . قال أبو الحسن : يقولون : انما فلان سلام إذا كان لا يخالط أحداً . المعنى : خاطب الله تعالى بهذه الآية المؤمنين الذين إذا ضربوا في الارض بمعنى ساروا فيها للجهاد وأن يتأنوا في قتال من لا يعلمون كفره ، ولا ايمانه ، وعن قتل من يظهر الايمان وان ظن به الكفر باطناً . ولا يعجلوا حتى يبين لهم أمرهم فانهم ان بادروا ربما أقدموا على قتل مؤمن . ولا يقتلوا من استسلم لهم ، وكف عن قتالهم ، واظهر انه اسلم . وألا يقولوا لمن هذه صورته : لست مؤمناً ، فيقتلوه طلب عرض { الحياة الدنيا } يعني متاع الحياة الدنيا الذي لا بقاء له . فان عند الله مغانم كثيرة وفواضل جسيمة فهو خير لكم إن أطعتم الله فيما أمركم به ، وانتهيتم عما نهاكم عنه . النزول : واختلفوا في سبب نزول هذه الآية فقال عمر بن شبة : نزلت في مرداس رجل من غطفان ، غشيتهم خيل المسلمين ، فاستعصم قومه في الجبل ، وأسهل هو مسلماً مستسلماً ، فاظهر لهم اسلامه ، فقتلوه ، وأخذوا ما معه . وقال أبو عمر والواقدي ، وابن اسحاق . نزلت في عامر بن الاضبط الاشجعي لقيته سرية لأبي قتادة فسلم عليه فشد محلم بن جثامة فقتله لاحنة كانت بينهم ، ثم جاء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وسأل ان يستغفر له فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " لا غفر الله لك " وانصرف باكياً فما مضت عليه سبعة أيام حتى هلك فدفن ، ثم لفظته الارض فجاؤا إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأخبروه فقال ( ع ) : إن الارض تقبل من هو شر من محلم صاحبكم ، لكن الله أراد أن يعظم من حرمتكم ، ثم طرحوه بين صد في جبل ، والقوا عليه الحجارة ، فنزلت الآية . وقال ابن عباس : لحق ناس رجلا في غنيمة له ، فقال السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنمه . فنزلت الآية . قال ابن عباس : فكان الرجل يسلم في قومه ، فاذا غزاهم أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهرب أصحابه وقف ، وأظهر تحية الاسلام ( السلام عليكم ) فيكفون عنه ، فلما خالف بعضهم ، وقتل من أظهر ذلك نزلت فيه الآية وبه قال السدي : وقال الرجل السلام عليكم ، أشهد ان لا إله إلا الله ، وان محمداً رسول الله . فشد عليه أسامة بن زيد وكان أمير القوم ، فقتله ، فنزلت الآية . وقال قوم : كان صاحب السرية المقداد . وقال آخرون : ابن مسعود . وكل واحد من هذه الاسباب يجوز أن يكون صحيحاً ، ولا يقطع بواحد منها بعينه . والذي يستفاد من ذلك أن من اظهر الشهادتين لا يجوز لمؤمن أن يقدم على قتله ، ولا إذا أظهر ما يقوم مقامها من تحية الاسلام . المعنى : وقوله . { كذلك كنتم من قبل } اختلفوا في معناه ، فقال قوم : كما كان هذا الذي قتلتموه بعدما القى إليكم السلام مستخفياً من قومه بدينه خوفاً على نفسه منهم ، كُنتم أنتم مستخفين باديانكم من قومكم حذراً على أنفسكم فمن الله عليكم ، ذهب إليه سعيد بن جبير وقال ابن زيد معناه كما كان هذا المقتول كافراً فهداه الله ، كذلك كنتم كفاراً ، فهداكم الله . وبه قال الجبائي . وقال المغربي : معناه كذلك كنتم أذلاء آحاداً إذا صار الرجل منكم وحده ، خاف أن يختطف . وقوله : { فمن الله عليكم } قيل في معناه قولان : أحدهما - قال سعيد بن جبير : فمن الله عليكم باظهار دينه ، واعزاز أهله حتى أظهرتم الاسلام بعد ما كنتم تكتمونه من اهل الشرك . وقال السدي : معناه تاب الله عليكم { فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيراً } معناه انه كان عليماً بما تعملونه قبل أن تعملوه . قال البلخي في الآية دلالة على أن المجتهد لا يضل ، لأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لم يضلل مقداداً ولا تبرأ منه . ومن قرأ { لست مؤمناً } بفتح الميم الثانية ، قال : معناه لا تقولوا لمن استسلم لكم لسنا نؤمنك . وهو وجه حسن .