Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 95-96)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القراءة ، والحجة : قرأ أهل المدينة وابن كثير غير أولي الضرر - نصباً - الباقون بالرفع . فمن رفع جعله نعتاً للقاعدين . ومن نصبه فعلى الاستثناء . وهو اختيار أبي الحسن الاخفش . المعنى : بين الله بهذه الآية انه { لا يستوي } ومعناه لا يعتدل { القاعدون } يعني المتخلفون عن الجهاد في سبيل الله من أهل الايمان بالله وبرسوله . المؤثرون الدعة والرفاهية على مقاساة الحر والمشقة بلقاء العدو ، والجهاد في سبيله إلا أهل الضرر منهم بذهاب أبصارهم ، وغير ذلك من العلل التي لا سبيل لأهلها إلى الجهاد للضرار الذي بهم { والمجاهدون في سبيل الله } ومنهاج دينه لتكون كلمة الله هي العليا والمستفرغون وسعهم في قتال أعداء الله ، وأعداء دينهم { بأموالهم } انفاقاً لها فيما يوهن كيد أعداء أهل الايمان . وقال قوم : إن قوله : { غير أولي الضرر } نزل بعد قوله : { لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله } فجاء عمر بن أم مكتوم ، وكان أعمى فقال : يا رسول الله كيف وأنا أعمى ، فما برح حتى نزل قوله : { غير أولي الضرر } . ذكر ذلك البراء بن عازب ، وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت . وهو يقوي قراءة من قرأ بالنصب . الاعراب والمعنى : " والقاعدون " رفع بيستوي ويستوي ها هنا يقتضي فاعلين ، فصاعداً وقوله : { والمجاهدون } معطوف عليه . والتقدير لا يستوي القاعدون إلا أولي الضرر والمجاهدون . وقال الفراء : الرفع أجود لاتصال { غير } بقوله : { القاعدون } والاستثناء كان يجب أن يكون بعد تمام الكلام بقوله : { لا يستوي القاعدون … والمجاهدون غير أولي الضرر } قال ويجوز خفضه نعتاً للمؤمنين وما قرئ به . والأول أقوى . ويحتمل النصب على الحال كقولك : جاء زيد غير مريب . فان قيل : أيجوز أن يساوي أهل الضرر المجاهدين على وجه ، فان قلتم : لا ، فقد صاروا مثل من ليس من أولي الضرر ؟ قلنا : يجوز أن يساووهم بأن يفعلوا طاعات أخر تقوم مقام الجهاد ، فيكون ثوابهم عليهم مثل ثواب الجهاد . وليس كذلك من ليس بأولي الضرر ، لأنه قعد عن الجهاد ، بلا عذر . وظاهر الآية يمنع من مساواته على وجه . وقال ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر ، والخارجين إلى بدر ثم قال : { وفضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة } قال ابن جريج وغيره معناه فضل الله المجاهدين باموالهم وأنفسهم درجة على القاعدين من أهل الضرر ثم قال : { وكلا وعد الله الحسنى } يعني وعد الله الحسنى المجاهدين بأموالهم وأنفسهم والقاعدين أولي الضرر . والمراد بالحسنى ها هنا الجنة في قول قتادة وغيره من المفسرين . وبه قال السدي . وقوله : { وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً } معناه فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من غير أولي الضرر أجراًعظيماً . وقوله : { درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيماً } قال قتادة هو كما يقال : الاسلام درجة ، والفقه درجة ، والهجرة درجة ، والجهاد في الهجرة درجة ، والقتل في الجهاد درجة . وقال عبد الله بن زيد : معنى الدرجات هي التسع درجات التي درجها في سورة براءة . وهي قوله : { ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله } ( صلى الله عليه وسلم ) { ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئاً يغيض الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً } إلى قوله : { ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون } قال : هذه التسع درجات . وقال قوم : المراد بالدرجات ها هنا الجنة . واختاره الطبري . { ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيماً } معناه لم يزل الله غفاراً للذنوب صافحاً لعبيده عن العقوبة . رحيماً بهم متفضلا عليهم . فان قيل : كيف قال في أول الآية { فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة } ثم قال في آخرها { وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً درجات } وهذا ظاهر التناقض ؟ ! قلنا عنه جوابان : أحدهما - أن في أول الآية فضل الله المجاهدين على القاعدين أولي الضرر درجة وفي آخرها فضلهم على القاعدين غير أولي الضرر درجات ولا تناقض في ذلك ، لأن قوله : { وكلا وعد الله الحسنى } يدل على أن القاعدين لم يكونوا عاصين مستخفين . وان كانوا تاركين للفضل . والثاني - قال أبو علي الجبائي : أراد بالدرجة الأولى علو المنزلة وارتفاع القدر على وجه المدح لهم كما يقال : فلان أعلى درجة عند الخليفة من فلان يريدون بذلك أنه أعظم منزلة . وبالثانية أراد الدرجات في الجنة التي تتفاضل بها المؤمنون بعضهم على بعض على قدر استحقاقهم ، ولا تنافي بينهما . وقال الحسين بن علي المغربي انما كرر لفظ التفضيل ، لأن الاول أراد تفضيلهم في الدنيا على القاعدين والثاني أراد تفضليهم في الآخرة بدرجات النعيم .