Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 1-5)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

خمس آيات في الكوفى وأربع فى ما عداه عدّ الكوفيون ( حم ) آية ولم يعدها الباقون . قرأ اهل الكوفة إلا حفصاً وابن ذكوان { حاميم } بامالة الألف . الباقون بالفتح من غير امالة وهما لغتان فصيحتان . وقال قوم { حم } موضعه نصب ، وتقديره اتل { حم } اقرأ { حم } وقال آخرون : موضعه جرّ بالقسم . ومن جزم قال : لانها حروف التهجي وهي لا يدخلها الاعراب ، وقد فتح الميم عيسى ابن عمر ، وجعله اسم السورة ، فنصبه ولم ينون ، لأنه على وزن ( هابيل ) ويجوز ان يكون فتح لالتقاء الساكنين . والقراء على تسكين الميم وهو الأجود لما بيناه . وقد بينا اختلاف المفسرين واهل العربية فى مبادىء السور بحروف التهجي ومعناها ، وأن اقوى ما قيل في ذلك انها اسماء للسور ، وذكرناها في الأقوال ، فلا نطول باعادته . وقال قتادة والحسن : ( حم ) اسم السورة . وقال شريح بن أوفى العبسي : @ يذكرني ( حم ) والرمح شاهر فهلا تلا ( حم ) قبل التقدم @@ وقال الكميت : @ وجدنا لكم في آل حم آية تأولها منا تقي ومعرب @@ وقوله { تنزيل الكتاب } أي هو تنزيل { من الله } أنزله على نبيه { العزيز } معناه القادر الذي لا يغالب ولا يقهر المنيع بقدرته على غيره ولا يقدر عليه غيره . وهذه الصفة لا تصح إلا لله تعالى واصل الصفة المنع من قولهم : عزّ كذا وكذا أي امتنع ، وفلان عزيز أي منيع بسلطانه او عشيرته أو قومه " والعليم " الكثير العلوم والعالم الذي له معلوم . وقوله { غافر الذنب } جرّ بأنه صفة بعد صفة ، ومعناه من شأنه غفران الذنب في ما مضى وفي ما يستقبل ، فلذلك كان من صفة المعرفة { وقابل التوب } قال الفراء : إنما جعلها نعتاً للمعرفة وهي نكرة ، لأن المعنى ذي الغفران ، وذي قبول التوبة كقوله { ذي الطول } وهو معرفة وإن جعلته بدلا كانت النكرة والمعرفة سواء ، ومعنى { قابل التوب } إنه يقبل توبة من تاب اليه من المعاصي بأن يثيب عليها ويسقط عقاب معاصي ما تقدمها تفضلا منه ، ولذلك كان صفة مدح ، ولو كان سقوط العقاب عندها واجباً لما كان فيه مدح و ( التوب ) يحتمل وجهين : احدهما - ان يكون جمع توبة كدوم ودومة وعوم وعومة . والثاني - ان يكون مصدر ( تاب يتوب توباً ) . وقوله { شديد العقاب } معناه شديد عقابه وذكر ذلك عقيب قوله { غافر الذنب } لانه أراد لئلا يعول المكلف على العفو بل يخاف عقابه أيضاً لأنه كما انه يغفر لكونه غافراً فقد يعاقب لكونه شديد العقاب . وفرق بين شدة العقاب وتضاعف الالام بان الخصلة الواحدة من الألم يكون اعظم من خصال كثيرة من ألم آخر كالالم في اجزا كثيرة من قرض برغوث . وقوله { ذي الطول } قال ابن عباس وقتادة : معناه ذي النعم . وقال ابن زيد : معناه ذي القدرة . وقال الحسن : ذي التفضل على المؤمنين . وقيل ( الطول ) الانعام الذي تطول مدته على صاحبه كما أن التفضل النفع الذي فيه افضال على صاحبه . ولو وقع النفع على خلاف هذا الوجه لم يكن تفضلا . ويقال : لفلان على فلان طول أي فضل . وقوله { لا إله إلا هو } نفي منه تعالى أن يكون معبود على الحقيقة يستحق العبادة غيره تعالى . ثم قال { إليه المصير } ومعناه تؤل الأمور إلى حيث لا يملك أحد الامر والنهي والضر والنفع غيره تعالى ، وهو يوم القيامة ، لأن دار الدنيا قد ملك الله كثيراً من خلقه الأمر والنهي والضر والنفع . ثم قال { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } معناه لا يخاصم في دفع حجج الله وإنكارها وجحدها إلا الذين يجحدون نعم الله ويكفرون بآياته وأدلته . ثم قال لنبيه { فلا يغررك } يا محمد { تقلبهم في البلاد } أي تصرفهم لقولهم : لفلان مال يتقلب فيه أي يتصرف فيه . والمعنى لا يغررك سلامتهم وإمهالهم ، فان عاقبتهم تصير إليّ ولا يفوتونني . وفي ذلك غاية التهديد . ثم بين ذلك بأن قال { كذبت قبلهم } أي قبل هؤلاء الكفار { قوم نوح } بان جحدوا نبوته { والأحزاب من بعدهم } أيضاً كذبوا رسلهم { وهمت كل أمة برسولهم } وإنما قال برسولهم لأنه اراد الرجال . وفي قراءة عبد الله { برسولها ليأخدوه } قال قتادة هموا به ليقتلوه { وجادلوا بالباطل } أي وخاصموا في دفع الحق بباطل من القول . وفي ذلك دليل على ان الجدال إذا كان بحق كان جائزاً { ليدحضوا به الحق } أي ليبطلوا الحق الذي بينه الله واظهره ويزيلوه ، يقال : أدحض الله حجته . وقال تعالى { حجتهم داحضة عند ربهم } أي زائلة . ثم قال { فأخذتهم } أي فأهلكتهم ودمرت عليهم { فكيف كان عقاب } فما الذي يؤمن هؤلاء من مثل ذلك ؟ !