Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 6-10)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ نافع وابن عامر { حقت كلمات } على الجمع . الباقون على التوحيد . من وحد فلأن الكلمة تقع على القليل والكثير مفردة . ومن جمع فلأن ذلك قد يجمع إذا اختلف اجناسها ، كما قال { وصدقت بكلمات ربها } يعني شرائعه لأن كتبه قد ذكرت . والمعنى وحقت كلمات ربك ، كقولهم : الحق لازم . ووجه التشبيه في قوله { وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا } أن الكفار يعاقبون فى الآخرة بالنار ، كما عوقبوا فى الدنيا بعذاب الاستئصال إلا انهم في الآخرة على ملازمة النار والحصول فيها ، وقد حقت الكلمة عليهم في الأمرين جميعاً ، فحقت الكلمة على هؤلاء كما حقت الكلمة على اولئك ، وموضع { أنهم أصحاب النار } يحتمل أن يكون نصباً على تقدير بأنهم أو لأنهم . ويحتمل أن يكون رفعاً على البدل من ( كلمة ) . وقال الحسن : حقت كلمة ربك على مشركي العرب كما حقت على من قبلهم . ثم اخبر تعالى عن حال الملائكة وعظم منزلتهم بخلاف ما عليه الكفار من البشر ، فقال { الذين يحملون العرش } عبادة لله تعالى وامتثالا لأمره { ومن حوله } يعني الملائكة الذين حول العرش يطوفون به ويلجئون اليه { يسبحون بحمد ربهم } أي ينزهونه عما لا يليق به ويحمدونه على نعمه { ويؤمنون به } أي ويصدقون به ويعترفون بوحدانيته { ويستغفرون للذين آمنوا } أي يسألون الله المغفرة للذين آمنوا - من البشر - أي صدقوا بوحدانيته واعترفوا بالالهية . ويقولون : ايضاً مع ذلك { ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما } ونصبهما على التميز ومعناه وسعت رحمتك أي نعمتك ومعلومك كل شيء . فنقل الفعل إلى الموصوف على وجه المبالغة ، كما قالوا : طبت به نفساً ، وجعل العلم في موضع المعلوم ، كما قال { ولا يحيطون بشيء من علمه } أي بشيء من معلومه على التفصيل ، وتقديره : وسعت رحمتك وعلمك كل شيء ، ويقولون أيضاً ربنا { فاغفر للذين تابوا } من معاصيك ورجعوا إلى طاعتك { واتبعوا سبيلك } الذي دعوت خلقك اليه من التوحيد وإخلاص العبادة { وقهم عذاب الجحيم } أمنع منهم عذاب جهنم لا يصل اليهم ، وحذف يقولون قبل قوله { ربنا } لأنه مفهوم من الكلام . واستغفارهم للذين تابوا يدل على ان اسقاط العقاب غير واجب لأنه لو كان واجباً لما كان يحتاج إلى مسألتهم بل الله تعالى كان يفعله لا محالة . ثم حكى تمام ما يدعوا به حملة العرش والملائكة للمؤمنين ، فانهم يقولون ايضاً { ربنا وأدخلهم } مع قبول توبتك منهم ووقاية النار { جنات عدن التي وعدتهم } أي الجنة التي وعدت المؤمنين بها وهي جنة عدن أي إقامة وخلود ودوام { ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } كل ذلك في موضع نصب . ويحتمل أن يكون عطفاً على الهاء والميم في { وأدخلهم } وتقديره وادخل من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم الجنة ايضاً . ويحتمل ان يكون عطفاً على الهاء والميم في { وعدتهم } وتقديره أدخلهم جنات عدن التي وعدت المؤمنين ووعدت من صلح من آبائهم { إنك أنت العزيز } في انتقامك من اعدائك { الحكيم } في ما تفعل بهم وبأولئك ، وفي جميع أفعالك . وقولهم { وقهم السيئات } معناه وقهم عذاب السيئات ويجوز أن يكون العذاب هو السيئات وسماه سيئات ، كما قال { وجزاء سيئة سيئة } للاتساع وقوله { ومن تق السيئات } أي تصرف عنه شر عاقبة سيئاته من صغير اقترفه او كبير تاب منه فتفضلت عليه { يومئذ } يعني يوم القيامة { فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم } أي صرف العذاب عنهم هو الفلاح العظيم ، والفوز الظاهر . ثم اخبر تعالى { إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون } قال مجاهد وقتادة والسدي وابن زيد : مقتوا أنفسهم حين عاينوا العقاب ، فقيل لهم : مقت الله إياكم اكبر من ذلك . وقال الحسن : لما رأوا أعمالهم الخبيثة مقتوا أنفسهم فنودوا لمقت الله اكبر من مقتكم انفسكم . وقال البلخي : لما تركوا الايمان وصاروا إلى الكفر فقد مقتوا انفسهم أعظم المقت ، كما يقول احدنا لصاحبه : إذا كنت لا تبالي بنفسك فلما أبالي بك ؟ ! وليس يريد انه لا يبالي بنفسه لكنه يفعل فعل من هو كذلك . وقال قوم : لمقت الله اكبر من مقت بعضكم لبعض . والمقت اشد العداوة والبغض ثم بين أن مقت الله إياهم حين دعاهم إلى الأيمان على لسان رسله فكفروا به وبرسلهم فمقتهم الله عند ذلك ، وتقدير { ينادون لمقت الله } ينادون إن مقت الله إياكم ، ونابت اللام مناب ( إن ) كما تقولون ناديت إن زيداً لقائم وناديت لزيد قائم . وقال البصريون هذه لام الابتداء ، كما يقول القائل : لزيد أفضل من عمرو أي يقال لهم والنداء قول .