Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 16-20)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وابو عمرو ونافع { نحسات } ساكنة الحاء ، الباقون بكسرها ، لان { نحسات } صفة ، تقول العرب ، يوم نحس مثل رجل هرم . وقيل : هما لغتان ، وقرأ نافع ويعقوب { ويوم نحشر } بالنون كقوله { ونحشره يوم القيامة أعمى } وقوله { ونجينا الذين آمنوا } بالنون . الباقون بضم الياء على ما لم يسم فاعله ، لأنه عطف عليه . قوله { فهم يوزعون } فطابق بينهما . لما حكى الله عن عاد وثمود انه ارسل اليهم رسلا وأمرهم بعبادة الله وحده وأن لا يشركوا به شيئاً وانهم كفروا بذلك وجحدوه . واخبر انه أهلكهم بأن أرسل عليهم ريحاً صرصراً أي شديداً صوته واشتقاقه من الصرير ولذلك ضوعف اللفظ اشعاراً بمضاعفة المعنى ، يقال صريصر صريراً ، وصرصر يصرصر صرصرة وريح صرصر شديد هبوبها . وقال قتادة : يعني باردة وقال السدي : باردة ذات صوت . وقال مجاهد : شديدة السموم . وقيل : اصله صرر قلبت الراء صاداً ، كما قيل : رده ، وردّده ، ونههه ونهنهه . وقال رؤبة : @ فاليوم قد نهنهني تنهنهي وأولى حلم ليس بالمتقه @@ وكما قيل : كففه وكفكفه ، قال النابغة : @ اكفكف عبرة غلبت عبراتي إذا نهنتها عادت ذباحا @@ ومنه سمي نهر صرصر لصوت الماء الجاري فيه ، وقوله { في أيام نحسات } قال مجاهد وقتادة والسدي : يعني مشومات ، والنحس سبب الشر ، والسعد سبب الخير ، وبذلك سميت سعود الايام ونحوسها وسعود النجوم ونحوستها ، ومن سكن الحاء خففه ، ومن جرها فعلى الأصل . وقال ابو عبيدة : معناه ايام ذات نحوس أي مشائيم العذاب . وقوله { لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا } إخبار منه تعالى انه انما يفعل بهم ذلك ليذيقهم حال الهوان في الدنيا ، والخزي الهوان الذي يستحيا منه خوفاً من الفضيحة ، يقال : خزي يخزي خزياً واخزاه الله إخزاء فهو مخزي . ثم بين تعالى ان عذاب الآخرة اخزى وافضح من ذلك فقال { ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون } أي لا يدفع عنهم العذاب الذي ينزل بهم . ثم قال تعالى { وأما ثمود فهديناهم } فالذي عليه القراء رفع الدال ، وقرأ الحسن بالنصب على تقدير هدينا ثمود هديناهم ، والرفع اجود ، لأن ( اما ) لا يقع بعدها إلا الاسماء ، فالنصب ضعيف . والمعنى واما ثمود دللناهم على طريق الرشاد فعدلوا عنها إلى طريق الغي والفساد ، والهدي يتصرف على وجوه بيناها في ما مضى . وقال ابن عباس وقتادة والسدي وابن زيد : معناه بينا لهم ، وإنما لم يصرف ثمود لأنه اسم القبيلة او الأمة ، وهو معرفة . وإنما رفع لأن ( أما ) رفع الاسم بعدها اولى . وقوله { فاستحبوا العمى على الهدى } معناه اختاروا العمى على طريق الحق والاهتداء اليها وبئس الاختيار ذلك - وهو قول الحسن . وفى الآية دلالة على بطلان قول المجبرة فى ان الله يضل الكفار عن الدين ولا يهديهم اليه لانه صرح بأنه هدى ثمود إلى الدين وانهم اختاروا العمى على الهدى ، وذلك واضح لا اشكال فيه . وقوله { فأخذتهم صاعقة العذاب الهون } أي ارسل عليهم الصاعقة التي بعثها للعذاب دون غيره ، والهون والهوان واحد - في قول ابي عبيدة - وقال السدي : معناه الهوان { بما كانوا يكسبون } أي جزاء على ما كسبوه من الشرك والكفر . وقوله { ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون } اخبار من الله تعالى انه خلص من جملتهم من آمن بالله واتقى معاصيه خوفاً من عقابه نجاهم الله من ذلك العذاب . ثم قال تعالى { ويوم يحشر أعداء الله } يبعثون وهو يوم القيامة . فمن قرأ بالنون فعلى الاخبار من الله عن نفسه بذلك . ومن قرأ بالياء المضمومة فعلى انهم يبعثون ويجمعون إلى النار { فهم يوزعون } أي يمنعون من التفرق ويحبسون ويكفون ، يقال : وزعت الرجل إذا منعته ، ومنه قول الحسن لا بد للناس من وزعة وقوله { أوزعني } أي الهمني . وقول الشاعر : @ وإني بها باذا المعارج موزع @@ ويروى موَّزع { حتى إذا ما جاؤها } معناه حتى إذا أتي هؤلاء الكفار النار ، واراد الله إلقاءهم فيها { شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون } وقيل : في شهادة هذه الجوارح قولان : احدهما - انها تبنى بنية حي وتلجأ إلى الشهادة والاعتراف بما فعله اصحابها . والآخر - ان يفعل فيها الشهادة ويضاف اليها مجازاً . ووجه ثالث - قال قوم : إنه يظهر فيها امارات تدل على كون اصحابها مستحقين للنار ، فسمى ذلك شهادة مجازاً . كما يقال : عيناك تشهد بسهرك أي فيها ما يدل على سهرك . وقيل : المراد بالجلود الفروج ، على طريق الكناية . وقيل : لا : بل الجلود المعروفة وهو الظاهر .