Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 41-45)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ { أعجمي وعربي } على الخبر حفص والحلواني عن هشام وابن مجاهد عن قنبل في غير رواية ابن الحمامي عن بكار . الباقون بهمزتين . وحففهما اهل الكوفة إلا حفصاً وروح . والباقون بتخفيف الأولى وتليين الثانية . وفصل بينهما بألف اهل المدينة إلا ورشاً وابو عمر . ومن قرأ بلفظ الاستفهام اراد الانكار ، فادخل حرف الاستفهام على الف { أعجمي } وهي الف قطع . ومن حققها ، فلأنها الأصل . ومن خففهما او فصل بينهما فلكراهة اجتماع الهمزتين . ومن قرأ على الخبر ، فالمعنى هلا كان النبي عربياً والقرآن اعجمياً . والنبي اعجمياً والقرآن عربياً ، فكان يكون ابهر في باب الاعجاز . يقول الله تعالى مخبراً { إن الذين كفروا بالذكر } الذي هو القرآن وجحدوه وسمي القرآن ذكراً ، لأنه تذكر به وجوه الدلائل المؤدية إلى الحق ، والمعاني التي يعمل عليها فيه . واصل الذكر ضد السهو وهو حضور المعنى للنفس { لما جاءهم } أي حين جاءهم ، وخبر ( ان ) محذوف ، وتقديره : إن الذين كفروا بالذكر هلكوا به وشقوا به ونحوه . وقيل تقديره : إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم كفروا به ، فحذف لدلالة الكلام عليه . وقيل خبره { أولئك ينادون من مكان بعيد } وقيل قوله { وإنه لكتاب عزيز } في موضع الخبر ، وتقديره الكتاب الذي جاءهم عزيز ، وقوله " وإنه " الهاء كناية عن القرآن ، والمعنى وإن القرآن لكتاب عزيز بأنه لا يقدر احد من العباد على ان يأتي بمثله ، ولا يقاومه في حججه على كل مخالف فيه . وقيل : معناه إنه عزيز باعزاز الله - عز وجل - اياه اذ حفظه من التغيير والتبديل . وقيل : هو عزيز حيث جعله على أتم صفة الاحكام . وقيل : معناه انه منيع من الباطل بما فيه من حسن البيان ووضوح البرهان ، ولأن احكامه حق يقضي بصحتها العقل . وقوله { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } قيل في معناه اقوال خمسة : احدها - انه لا تعلق به الشبهة من طريق المشاكلة ، ولا الحقيقة من جهة المناقضة وهو الحق المخلص والذي لا يليق به الدنس . والثاني - قال قتادة والسدي : معناه لا يقدر الشيطان أن ينقص منه حقاً ولا يزيد فيه باطلا . الثالث - ان معناه لا يأتي بشيء يوجب بطلانه مما وجد قبله ولا معه ولا مما يوجد بعده . وقال الضحاك : لا يأتيه كتاب من بين يديه يبطله ولا من خلفه أي ولا حديث من بعده يكذبه . الرابع - قال ابن عباس : معناه لا يأتيه الباطل من أول تنزيله ولا من آخره . والخامس - ان معناه لا يأتيه الباطل في اخباره عما تقدم ولا من خلفه ولا عما تأخر . ثم وصف تعالى القرآن بأنه { تنزيل من حكيم حميد } فالحكيم هو الذي افعاله كلها حكمة فيكون من صفات الفعل ، ويكون بمعنى العالم بجميع الاشياء واحكامها فيكون من صفات الذات . و ( الحميد ) هو المحمود الذي يستحق الحمد والشكر على جميع افعاله لان افعاله كلها نعمة يجب بها الشكر . وقوله { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك } قيل في معناه اقوال : احدها - من الدعاء الى الحق في عبادة الله تعالى ولزوم طاعته . والثاني - ما حكاه تعالى بعده من { إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم } فيكون على جهة الوعد والوعيد . والثالث - قال قتادة والسدي : وهو تعزية للنبي صلى الله عليه وآله بأن ما يقول لك المشركون مثل ما قال من قبلهم من الكفار لأنبيائهم من التكذيب والجحد لنبوتهم . وقوله { إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم } أي وقد يفعل العقاب بالعصاة من الكفار قطعاً ومن الفساق على تجويز عقابهم ، فلا ينبغي ان يغتروا ويجب عليهم أن يتحرزوا بترك المعاصي وفعل الطاعات . ثم قال تعالى { ولو جعلناه } يعني الذكر الذي قدم ذكره { قرآناً أعجمياً } أي مجموعاً بلغة العجم ، يقال : رجل أعجمي إذا كان لا يفصح وإن كان عربي النسب ، وعجمي إذا كان من ولد العجم وإن كان فصيحاً بالعربية . قال ابو علي : يجوز ان يقال : رجل أعجمي يراد به اعجم بغير ياء كما يقال : أحمري واحمر ، ودواري ودوار { قالوا لولا فصلت آياته } ومعناه هلا فصلت آياته وميزت . وقالوا { أعجمي وعربي } أي ، قالوا القرآن أعجمي ومحمد عربي - ذكره سعيد بن جبير - وقال السدي : قالوا اعجمي وقوم عرب . ومن قرأ على الخبر حمله على أنهم يقولون ذلك مخبرين . ومن قرأ على الاستفهام أراد انهم يقولون ذلك على وجه الانكار ، وإنما قوبل الأعجمي فى الآية بالعربي ، وخلاف العربي العجمي لان الأعجمي في انه لا يبين مثل العجمي عندهم من حيث اجتمعا في انهما لا يبينان ، قوبل به العربي في قوله { أعجمي وعربي } وحكى ان الحسن قرأ { أعجمي } بفتح العين قابل بينه وبين قوله { وعربي } فقال الله تعالى لنبيه { قل } لهم يا محمد { هو } يعني القرآن { للذين آمنوا } بالله وصدقوا بتوحيده وأقروا بنبوة نبيه { هدى } يهتدون به { وشفاء } من سقم الجهل { والذين لا يؤمنون } بالله ولا يصدقون بتوحيده { في آذانهم وقر } يعني ثقل إذ هم بمنزلة ذلك من حيث لم ينتفعوا بالقرآن فكانهم صم او في آذانهم ثقل { وهو عليهم عمى } حيث ضلوا عنه وجاروا عن تدبيره فكانه عمى لهم . وقوله { أولئك ينادون من مكان بعيد } على وجه المثل ، فكأنهم الذين ينادون من مكان بعيد ويسمعوا الصوت ولا يفهموا المعنى من حيث لم ينتفعوا به . وقال مجاهد : لبعده عن قلوبهم . وقال الضحاك : ينادون الرجل في الآخرة كبأشنع اسمائه ، وقيل : معناه أولئك لا يفهمون ذلك كما يقال لمن لا يفهم شيئاً : كأنك تنادى من مكان بعيد . ثم اقسم تعالى بأنه آنى { موسى الكتاب } يعني التوراة { فاختلف فيه } لأنه آمن به قوم وجحدوه آخرون ، تسلية للنبي صلى الله عليه وآله عن جحود قومه وإنكارهم نبوته . ثم قال { ولولا كلمة سبقت من ربك } في انه لا يعاجلهم بالعقوبة وانه يؤخرهم إلى يوم القيامة { لقضي بينهم } أي لفصل بينم بما يجب من الحكم . ثم اخبر عنهم فقال : { وإنهم لفي شك منه } يعني مما ذكرناه { مريب } يعني اقبح الشك لأن الريب افظع الشك . وفى ذلك دلالة على جواز الخطأ على اصحاب المعارف لأنه تعالى بين انهم فى شك وانهم يؤآخذون مع ذلك .