Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 46-50)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل المدينة وابن عامر وحفص { ثمرات } على الجمع . الباقون " ثمرة " على التوحيد من قرأ على الجمع فلاختلاف أجناس الثمار ، ولانه فى المصاحف مكتوباً بتاء ممدودة . ومن وحده قال : الثمرة تفيد الجمع والتوحيد فلا يحتاج إلى الجمع ، لأنه في مصحف عبد الله مكتوب بالهاء ، و " الاكمام " جمع ( كم ) في قول الفراء ، و ( كمة ) فى قول ابي عبيدة . وهي الكفرى . قال ابن خالويه : يجوز أن يكون ( الاكمام ) جمع ( كم ) و ( كم ) جمع كمة ، فيكون جمع الجمع . يقول الله تعالى { من عمل صالحاً } أي فعل افعلا هي طاعة { فلنفسه } لان ثوابه واصل اليه ، وهو المنتفع به دون غيره { ومن أساء } يعني فعالا فعلا قبيحاً ، من الاساءة إلى غيره او غيرها { فعليها } أي فعلى نفسه لأن وبال ذلك وعقابه يلحقه دون غيره . ثم قال تعالى على وجه النفي عن نفسه ما لا يليق به من فعل القبيح والتمدح به { وما ربك } أي وليس ربك { بظلام للعبيد } وإنما قال ( بظلام ) على وجه المبالغة فى نفي الظلم عن نفسه مع انه لا يفعل مثقال ذرة لأمرين : احدهما - انه لو فعل فاعل الظلم ، وهو غير محتاج اليه مع علمه بقبحه وبأنه غني لكان ظلاماً ، وما هو تعالى بهذه الفصة لأنه غني عالم . الثاني - إنه على طريق الجواب لمن زعم انه يفعل ظلم العباد . فقال : ما هو بهذه الصفة التي يتوهمها الجهال ، فيأخذ احداً بذنب غيره ، والظلام هو الفاعل لما هو من افحش الظلم . والظالم من فعل الظلم ، وظالم صفة ذم ، وكذلك قولنا فاعل الظلم هما سواء ، وكذلك آثم فاعل الاثم ، وسيء فاعل الاساءة . وقوله { إليه يرد علم الساعة } معناه اليه يرد علم الساعة التي يقع فيها الجزاء للمطيع والعاصي فاحذروها قبل ان تأتي ، كما يرد اليه علم إخراج الثمار وما يكون من الاولاد والنتاج ، فذاك غائب عنكم وهذا مشاهد لكم ، وقد دل عليه ولزم ، وكل من سئل متى قيام الساعة ؟ وجب أن يقول : الله تعالى العالم به حتى يكون قد ردّه إلى الله { وما يخرج من ثمرة من أكمامها } معناه وعنده علم ذلك . وآكمام الثمرة وعائها الذي تكون فيه . وقيل : الآكمام جمع كمة ، وهو الطرف المحيط بالشيء . وقال الحسن : الآكمام - ها هنا - ليف النخيل . وقيل : من أكمامها معناه خروج الطلع من قشره { وما تحمل من أنثى وما تضع إلا بعلمه } أي وعنده تعالى علم ما تحمله كل انثى من حمل ذكراً كان او انثى ولا تضع الانثى إلا بعلمه أي إلا في الوقت الذي علمه انه تضع فيه . وقوله { ويوم يناديهم أين شركائي } أي ويوم يناديهم مناد اين شركاء الله الذين كنتم تعبدونهم من دون الله { قالوا أذناك ما منا من شهيد } معناه إنهم يقولون اعلمناك ما منا من شهيد لمكانهم . ثم بين ذلك فقال { وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا ما لهم من محيص } قال السدي : معناه ايقنوا وقال ابن عباس أذناك معناه أعلمناك . وقيل المنادي هو الله تعالى ، وقال السدي : ما منا من شهيد ان لك شريكاً . وقيل : معناه أذناك اقررنا لك ما منا من شهيد بشريك له معك . وقيل قوله أذناك من قول المعبودين ما منا من شهيد لهم بما قالوا : وقيل هذا : من قول العابدين ما منا من شهيد بأنهم آلهة . وقال آخرون : يجوز ان يكون العابدون والمعبودون يقولون ذلك . وقوله { وظنوا ما لهم من محيص } أي ايقنوا ليس لهم من مخلص . ودخل الظن على ( ما ) التي للنفي كما تدخل ( علمته ) على لام الابتداء ، وكلاهما له صدر الكلام . وقوله { لا يسأم الإنسان من دعاء الخير } أي لا يمل الانسان من طلب المال وصحة الجسم - وهو قول ابن زيد - وقال بعضهم : معناه لا يمل الانسان من الخير الذي يصيبه { وإن مسه الشر } أي إن ناله بذهاب مال او سقم في جسمه { فيؤس قنوط } أي يقنط من رحمة الله وييأس من روحه ، ففي ذلك إخبار عن سرعة تحمل الانسان وتنقله من حال إلى حال . ثم قال تعالى { ولئن أذقناه رحمة منا } يعني لئن أذقنا الانسان نعمة وأنلناه إياها { من بعد ضراء مسته } أي من بعد شدة لحقته { ليقولن هذا لي } قال مجاهد : يقول أنا حقيق بهذا الفعل { وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } أي لو قامت لكان لي الحسني يعني الجنة . فقال الله تعالى على وجه التهديد لمن هذه صفته { فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ } أي فلنجزين الكفار بعد ان نعلمهم ما عملوه من كفرهم ومعاصيهم ثم نجازيهم عليها بأن نذيقهم من عذاب غليظ قدر ما يستحقونه .