Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 51-54)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اخبر الله تعالى عن جهل الانسان الذي تقدم وصفه بمواضع نعم الله وما يجب عليه من الاعتراف بشكره ، بتركه النظر المؤدي إلى معرفته ، فقال { وإذا أنعمنا على الإنسان } بنعمة من اعطاء مال او ولد او صحة جسم { أعرض } عن القيام بشكر الله على ذلك حسب ما يلزمه { ونآء بجانبه } أي بعد بجانبه كبراً وتجبراً عن الاعتراف بنعم الله . وقيل : معناه وبعد عن الواجب { وإذا مسه الشر } يعني إذا ناله مرض او مصيبة في مال او نفس { فذو دعاء عريض } قال السدي يدعو الله كثيراً عند ذلك . وإنما قال { فذو دعاء عريض } ولم يقل : طويل ، لأنه ابلغ ، لان العرض يدل على الطول ، ولا يدل الطول على العرض إذ قد يصح طويل ولا عرض له . ولا يصح عريض ولا طول له ، لان العرض الانبساط فى خلاف جهة الطول ، والطول الامتداد فى أي جهة كان . وفى الآية دلالة على بطلان قول المجبرة : انه ليس لله على الكافر نعمة ، لأنه اخبر تعالى بأنه ينعم عليه وانه يعرض عن موجبها من الشكر وفي دعائه عند الشدة حجة عليه ، لانه يجب من اجل قلة صبره على الشدة ان يشكر برفعها عنه إلى النعمة ، فقال الله تعالى لهم على وجه الانكار عليهم { قل أرأيتم إن كان } هذه النعمة { من عند الله وكفرتم به } أي وجحدتموه { من أضل ممن هو في شقاق بعيد } أي في مشاقة الله بخلافه له بعيد عن طاعته . والشقاق المبل إلى شق العداوة لا لاجل الحق كأنه قال لا احد اضل ممن هو فى شقاق بكفره ، وبه يذم من كان عليه ، كما قال علي عليه السلام ( يا اهل العراق يا اهل الشقاق والنفاق ومساوىء ، الاخلاق ) وقيل : الشقاق فراق الحق إلى العداوة وأهله . وقوله { سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم } معناه إن الدلائل في آفاق السماء بسير النجوم وجريان الشمس والقمر فيها بأتم التدبير ، وفي أنفسهم جعل كل شيء لما يصلح له من آلات الغذاء ومخارج الأنفاس ، ومجاري الدم ، وموضع العقل والفكر ، وسبب الافهام ، وآلات الكلام . وقال السدي : آياتنا في الآفاق بصدق ما يخبر به النبي صلى الله عليه وآله من الحوادث عنها . وفي ما يحدث من انفسهم ، وإذا رأوا ذلك تبينوا وعلموا أن خبره حق ، وانه من قبل الله تعالى . وقوله { أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } أي هو عالم لجميع ذلك والباء زائدة ، والتقدير او لم يكف ربك انه عالم بجميع الاشياء . والمعنى اليس في الله كفاية في معاقبة هؤلاء الكفار على كفرهم إذ كان عالماً بكل شيء مشاهداً لجميع ما يفعلونه قادراً على مجازاتهم عليه ، وكما انه شهيد على ذلك هو شهيد على جميع الحوادث ومشاهد لجميعها وعالم بها لا يخفى عليه شيء من موضعها . وقوله { إنه } يحتمل ان يكون موضعه رفعاً بـ ( يكف ) ويحتمل ان يكون جراً بالباء . وتقديره بأنه على كل شيء شهيد . ثم قال { أَلاَ إنهم في مرية من لقاء ربهم } أي هم في شك من لقاء ثواب ربهم وعقابه ، لأنهم في شك من البعث والنشور { ألا إنه بكل شيء محيط } أي هو عالم بكل شيء قادر عليه .